نعيم الهاشمي الخفاجي ||
يعاني العراق الحديث ومنذ ولادته في عام ١٩٢١ وليومنا هذا صراعات قومية مذهبية تسببت بقتل ملايين البشر وتهجير ومهاجرة ملايين العراقيين، الوضع العراقي يحتاج حلول حقيقية تنهي الصراعات القومية والمذهبية، من رسم حدود العراق والدول العربية ليس العراقيين ولا بقية الشعوب العربية وإنما قوات الاحتلال البريطاني الفرنسي وفق اتفاقية سايكسبيكو وتقصدوا في دمج مكونات غير متجانسة مع بعض وبدون تشريع دستور حاكم ليبقى العراق وبقية الدول العربية دول فاشلة تعاني من صراعات داخلية يسهل السيطرة عليها.
العشائر وجودها يمكن أن يكون عامل أيجابي ان وجدت قادة قبليين وساسة لديهم ذكاء في جعل القبيلة عامل مهم في دعم السلم المجتمعي، كل قبائل العراق تضم مسلمين سنة وشيعة، وجود القبيلة بظل وجود زعماء قبلين يتواصل بعضهم مع البعض الآخر، قبيلتي خفاجة تضم سنة وشيعة، لدينا عشائر خفاجية في الموصل والانبار وفي دير الزور وحلب والحسكة يتبعون المذاهب السنية، ولديهم تواصل مستمر مع أمير خفاجة الشيخ الأمير عامر غني الصكبان الخفاجي والذي يسكن في قضاء الغراف في الناصرية، وهناك وفود من عشائر خفاجة السنة يزورون مضيف الأمير الشيخ عامر غني الصكبان امير خفاجة بالعراق والوطن العربي، بل قبل عدة سنوات ابناء خفاجة في مصر وجهوا دعوة رسمية إلى أمير خفاجة الشيخ عامر غني الصكبان لزيارة مصر واستقبل استقبال شعبي حضر آلاف الناس من ابناء خفاجة المصريين في استقباله وهم يعلمون ان الأمير عامر الغني الصكبان مسلم شيعي يتبع مذهب آل البيت ع، وجود العامل القبلي يمنع وقوع صراع مذهبي ويتم منع مثيروا التحريض او تبرير الصراعات، أو نشر ثقافة الكراهية والتصادم، بل يتم نشر ثقافة السلام بسبب جذور النسب والقرابة، وجود عامل القرابة يشجع دعوات المطالبة بالسلم الاجتماعي وفتح مجالات التواصل والزواج المتبادل، في عالمنا العربي والإسلامي هناك من يدعو الى التعايش السلمي الديني وهناك من يدعوهم الى التعايش الثقافي واخرون يدعونهم الى التعايش الحضاري، جميع مطلقي الدعوات كل شخص يدعوا إلى الحوار فهو لديه مفهوم معين للسلم المجتمعي، العشيرة تلعب دور مهم في تحقيق السلم الاجتماعي اذ تم دراسة الوضع القبلي من ضمن الحكومة العراقية ويتم دعم شيوخ القبائل في تشجيع التقارب والزيارات المتبادلة، هناك أهمية العشيرة في تحقيق اهم وظيفة في المجتمع العراقي وهو تحقيق التعايش السلمي وتعزيز اواصر الترابط مابين العشائر المختلطة مذهبيا، العامل القبلي ان استغل بشكل صحيح يكون اهم اركان ومقومات تحقيق السلم الاجتماعي.
الكثير من الفلاسفة تطرقوا إلى القبيلة واهميتها، منهم الفيلسوف ابن خلدون ذكر في مقدمته قال( اذا ضعفت الدولة قويت القبيلة واذا قويت الدولة ضعفت القبيلة).
لكن ممكن للدولة إعطاء دور مهم للقبائل ان يكون لها دور مهم في حفظ التعايش السلمي، تواصل ابناء القبائل المتعددة مذهبيا هو بحد ذاته دور اجتماعي،
وقد عرف الدور الاجتماعي من قبل عدة من المختصين في علم الاجتماع بالتعريف التالي (هو مجموعة حركات السلوك المتعارف عليها والمصاحبة لمركز او لموقع معين).
المصدر إبراهيم العسل: الأسس النظرية والأساليب التطبيقية في علم الاجتماع، ط1، مؤسسة الجامعة للدراسات والنشر، بيروت، 1967، ص54.
العشيرة هي نسق اجتماهي متعدد الأفكار والمذاهب والثقافات لذلك مفهوم العشيرة( هي وحدة اجتماعية تعتبر امتداد للأسرة وتتميز بتسلسل قرابي معين يتفق مع نظام سكني خاص ولذلك فان العشير هي وحدة مكانيه ويعتقد افراد العشيرة الواحدة في وجود جد واحد مشترك قام بتأسيس العشيرة وأحيان يكون ذلك الجد شخصية أسطورية).
المصدر الدكتور . محمد الخطيب: الاثنولوجيا ((دراسة عن المجتمعات البدائية))، ط1، دار علاء الدين –دمشق، 2000، ص164.
قضية دراسة العشيرة ليس خاص بالعرب بل عالم الاجتماع الفرنسي(دوركايهم) عرف العشيرة( بأنها مجتمع تتعدد فيه الزمر الاجتماعية ولكنه لا يزال يحتفظ بوحدته وتجانسه وعدم قبوله للانقسام الى عدة مجتمعات تتمايز على الرغم من انها تتكون من الاسر الصغيرة التي لا تكون اقساماً سياسية متمايزة).
المصدر،د. محمد احمد غنيم: الضبط الاجتماعي والقانون العرفي (دراسة في الانثروبولوجيا الاجتماعية))، ط1، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الجيزة(مصر)، 2009، ص47.
لذلك تعتبر العشيرة هي اشبه في مؤسسة اجتماعية سياسية تهدف الى تحقيق الأمن والاستقرار وبث الطمأنينة بين الافراد وزرع الألفة والمحبة وغرس المودة وإصلاح والتكافل الاجتماعي ونبذ التطرف والعنف والصراع.
الدين الاسلامي لم ينفي القبيلة بل الإسلام دعا الى التمسك بالعشيرة والمحافظة على النسب ونزلت آية مباركة ادعوهم إلى اباءهم، ولم يقل الله بالقرآن ادعوهم لمن تحالف معهم في حلف قبلي بل وجود الحلف عامل ممتاز لتقارب العشائر العربية العراقية لكن بشرط المحافظة على النسب الأصلي وعدم أحياء سنن جاهلية قريش في مصادرة وضم أنساب عشائر أخرى ضمن قبائل اخرى، ايضا الإسلام نها في اتباع العشيرة وفق عصبية جاهلية قريش ونصرة للعشيرة في الحق او الباطل في قوله تعالى( قُلُّ ان كَانَ اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وَعَشِيرَتَكُمْ وامول اقترفتموها وَتَاجِرَةً تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَّكُنَّ تَرْضُونَهَا اُحْبُ اليكم مِنْ اللهِ وَرَسُولَهُ وَجِهَادَ فِي سَبِيلَةٍ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بأمره وَاللهَ لَا يُهَدَّى ' الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (سورة التوبة: الآية 24).
ماحدث بالعراق من قتل وتفخيخ وتهجير منفذوه معروفين وهم لما يأتوننا من السماء وهم ليسوا أشباح فضائية، بل من قام بعمليات القتل والتفخيخ معروف لكل ابناء الشعب العراقي، وتم عرض اعترافات مئات الإرهابيين الذباحين القتلة بغالبيتهم عراقيين من ابناء قبائل عربية سنية، اعترفوا بعظمة ألسنتهم انهم قتلوا ضحاياهم لكونهم شيعة، عملية إسقاط صدام الجرذ تمت من خلال تدخل خارجي قامت به القوات الأمريكية أسقطت نظام صدام الجرذ وتقصدت في عمل عملية سياسية لتنفيذ مصالح أمريكا واطماع الدول الوهابية وبني صهيون، لذلك العراق ساحة للصراعات الدولية بأدوات عراقية، حكومة عراقية تم تحجيم دورها بسبب تدخل السفير الأمريكي وسفراء الناتو وسفراء دول البداوة العربية، بحيث السعودية تدخلت باىعلن بدعم الإرهابيين والدعم المادي إلى الأجنحة السياسية للمثلي فلول البعث بالمليارات ولنا بقضية تصريحات حسن العلوي مع وفد قائمة طارق الهاشمي ابو صابرين عند لقاىهم الملك السعودي عبدالله وكيف قال لهم طلبتم منا مليارين دولار واعطينا لكم المبلغ وكل هذا والشيعة فازوا كررها ثلاث مرات، واضطر طارق الهاشمي ان يبلغ الملك ام مع هذا الوفد نواب شيعة، انا شخصيا في يوم استشهاد السيد محمد باقر الحكيم وعبر محطة بي بي سي العربي قلت يجب دعم زعيم قبلي سني ليشكل ميليشيا مسلحة تبسط سيطرتها على المناطق السنية لحرمان دولة البعث من السيطرة على المساجد السنية وتأسيس مجاميع ارهابية، طالبنا ساسة العراق وشيوخ القبائل الشيعية الذين يقتل من أبنائهم آلاف الأشخاص وبشكل يومي بضرورة عقد مؤتمر يضم كل شيوخ العشائر السنية والشيعية للتبرأ من كل إرهابي يتورط في عمليات ارهابية وعلى أقارب المجرم الإرهابي تحمل مسؤوليتهم وعليهم دفع تعويضات وديات لعوائل الضحايا، لكن ساسة الصدفة تخاذلوا وربما الكسب المادي أعمى ابصارهم مثل ماعميت قلوبهم ولم يقوموا بوضع ضوابط لحماية المواطنين من عمليات الابادة، لننظر إلى تجربة اليمن والتي تعرض اليمن لهجوم وبتدخل سعودي خليجي طائفي كلنا يتذكر عمليات تفجيرات صلاة الجمعة في صنعاء قبل اسبوع من انطلاق عمليات الغزو كيف دعا أنصار الله والرئيس السابق علي عبدالله صالح لعقد مؤتمر لشيوخ قبائل اليمن في اصدار قرارات في هدر دم كل إرهابي يتورط في تفجير مفخخات، والحمد لله اجتمع شيوخ قبائل اليمن واصدروا بيان تاريخي ومهم تم تجريم كل ارهابي، وانتهت مظاهر تفجير المفخخات في صنعاء والمدن اليمنية الشمالية، الذي حفظ دماء الشعب اليمني هم أبناء اليمن من شيوخ القبائل ورجال الدين والأعيان والواجهات العشائرية، انتشار السلاح والانفلات وخروج مناطق المكون السني من سيطرة الحكومة العراقية جعل المناطق السنية تحت سيطرة العصابات البعثية الوهابية وتم تحجيم دور شيوخ القبائل، لو كان هناك دعم حقيقي واتفاق مابين شيوخ قبائل العراق في التبرأ من كل إرهابي ومجرم لرأينا أدوار مهمة إلى رئساء شيوخ العشائر والاعيان بالأشراف على تطبيق القانون القبلي الذي يتمثل في مجموعة من التقاليد والأعراف ويشرف رئيس العشيرة على تنفيذ العقاب لمن يخالف تلك الاتفاقات والتقاليد والاعراف فالضبط الاجتماعي يعد ظاهرة لها قواعدها الاجتماعية التي تنمو وتتبلور تدريجيا من وسط البيئة الاجتماعية وقفا للحاجات الاجتماعية والتي تصبح من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي قواعد ملزمة لجميع الافراد بالالتزام بها وتمكين الحكومة من بسط نفوذها وسيطرتها وسلطتها.
لقد ثبت فشل تجارب الحكومات العراقية طيلة ال ١٩ سنة الماضية في كبح جماح العصابات الوهابية ولازال سبعة آلاف ذباح يعيشون في فنادق درجة اولى تورطوا بقتل اكثر من مليون عراقي بدون تنفيذ احكام الاعدامات بحقهم بل لاحظنا إطلاق سراحهم وتهريبهم من السجون واعادة التحقيق لتبرئتهم، ثبت فشل طريقة الساسة من اسلاميين وعلمانيين، لذلك المطلوب وجود تيار جديد يتبنى دعم شيوخ القبائل ووضع نقاط مهمة تهدر دماء كل إرهابي مجرم وعلى قبيلة الإرهابي تحمل مسؤلية دفع ديات للضحايا، واجب القبيلة تحمل هذه المسؤوليات، انا على يقين عندما يصل الأمر تتحمل قبيلة الإرهابي دفع ديات الضحايا اول ناس يقفون ضد الإرهابي هم عائلته وأبناء عمومته واقاربه وعشيرته لأنهم لايستطيعون تحمل دفع ملايين الدولارات كديات للضحايا.
في الختام هناك حقيقة أن إلى العشيرة دورا مهما في ضبط سلوك أفراد أبناء القبيلة وضبط السلوك يعني تعزيز الأمن المجتمعي والمساهمة في صون كرامة المواطن العادي وحماية المجتمع من المخططات الخارجية، بعد الحرب العالمية الأولى كان هناك دور بارز إلى العشيرة الدور في فض النزاعات والصراعات وكذلك معالجة المشاكل التي تواجه الفرد العراقي، المرحوم الشيخ مزهر السمرمد أمير زبيد كان له دور مهم في حفظ الأمن وسن قوانين قبلية لفض النزاعات بل كان المرحوم الأمير الشيخ مزهر السمرمد يقبل اللاجئين وقد استقبل جدي والد امي رحمه الله كلاجئ سياسي في عام ١٩٣٤ قبل ما انا لجئت إلى قوات التحالف عام ١٩٩١، رحم الله جدي خليف سبقني بما يقارب الستين عاما في اللجوء، لذلك العشيرة لها دور قال في المحافظة على تجانس وتماسك افرادها بصورة خاصة وباقي أفراد المجتمع بصورة عامة.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
5/6/2022