سلمى الزيدي || إِلى مَتى ياوَطَني تُداوي وَجُروحَكَ لاتُشفى، هَل دواؤُكَ مَغشُوشٌ أَم داؤُكَ أَمَّرُ وَأَدهى . ما بالُ نَباتَكَ يا وَطَني يَجثو؟ لايورق لايَزهُر بَل يَحنو! يَذبَلُ شَيئاً فَشَيئاً وَيُصارِعْ، وكأَنهُ يُريدُ الَنطِقُ وَيَشكو مِن حُزنٍ فارِع، إِرحَموا ضَعفي إِفهَموا هَميّ إِبحَثوا عَن سَبَب الأَوجاع، أَنا كائِنُ حَيِّ ياعالَم ماهذا الوَهمُ الخَداع، مابالَ جُذوري يائِسَةٌ لاتَتَجاوب لاتتَمَدَدّ، تُعطي دَمعاً بَدَلَ الماء! حَسَنا قَدْ وَضَحَت الأَشياء، كانت قَدْ غُرِسَت في تربٍ يَحوي أَعضاءاً بَشَرية! وَرُفاتٍ من زَمَنٍ قاسي فيهِ رائِحَةً زَكية، يَرجِعُ أَصلَها لِلشُهَداء.. كانَ بإِستِطاعة الجُذور أَن تُغَيِّر وِجهَتَها وتَمضي مِن غَيرِ عَناء، لكِنها أَبتْ إِلا أن تَكونَ مِنَ الشُرَفاء، إِحتَضَنَت الرُفات لِتَنام مَعَهم النَومةَ الأَبَدية، وَتَحلُم بِالنَصر وَالبطولات في رؤيا عالَمِ الأَحياءِ لا الأَموات .. حِينَ وَصَلَت حَرائِق الكون الشَديدةُ لِلوَطن، وتَثَعوَلَت حُدودَهُ بدُخانِ الفِتَن، أَطفأنا بِعناقِ(الفَتوى) نارُ المِحَن، نَبَعت الوحوُشُ من الأَرض بِمُساعَدة الخَوَنة كانوا شُعَثَ الشُعور، قُبَحاءِ الوُجوه، غُبُرَ الأَلوانِ سودُ القُلوب، يَلتَهِمون مابين أَيديهُم وما خَلفَهُم، يَسحَقون الآدَمِيِّين قَبلَ غَيرَهُم، لايَعطُفُ على طِفلٍ أَو شَيخٍ أَو بِنتٍ قَلبَهُم! يَرمون بالقَصاصَ مِن غَيرِ جَناة، وَكَأَنَّ بِيَدَهُم قانون الدين وَالحَياة، كانوا في غَمرَةٍ يَلعَبون لايَفقَهونَ ما يَقولون ولا مالا يَقُولون، ضَجَّ ضَجِيجَهُم وَعَصَفَ خَرابَهُم، وَبانَ مَقصَدَهُم كانَ يَتَغَذى مِن سُمِّ الخَليج شِريانَهُم، خَبَأَ لَنا الدَهرُ مِنهُم العَجَبْ، وَرَأَينا مالايُصَدَقُ وَلا يُحتَسَبْ، حَوامِضَ بَلاءَهُم أَذابَت شُحوم الوِجوه! فإِلتَصَقَ الجِلدُ بالعَظمِ وَالِسنُ بالسِنِ، كانَت الخُطَةُ أَن يَسلِبونَ شَرَف أَبناءنا جُندَالعراق ِ مِن أَسلِحَتَهُم لِيغتالوهُم بَغتَتةَ وَهُم لايَشعُرون، وَحِينَ حَميَتْ الوَطيس، نَزَلَت كَلِمَةُ الفَصلِ مِن العَرشِ عَلى لِسانِ عِمامَةِ الشُرَفاء، أَيقَضَت بِهُم غيرَة الرُوحُ الوَطَنية، كَما العَباس ( ع ) حِينَ سَمِعَ النِداء، فَجَرَت رِياحُ الحَشدَ كَما إِشتَهَت سفُن العَظَماء، هُم أَولى بِالطاعَةِ لَهُ مِنَ القَرابَةِ، أأتَمَروا بِأَمرِ وَليَهُم بِصَرَخاتٍ مُوَجَهة ( لَبَيكَ سَيد الأَوصياء)، عَلى أَثَرِ جَوابٍ لِسُؤالٍ حُسَينيّ ( أَلا مِن ناصرٍ يَنصُرُنا )، تَتَقَدَمَهُم ملائِكَةُ الَسماء، تَخفضُ لَهُم ذِلَّ جَناحِها وَتَرفَعُ بِها الشُهَداء، رَكَلوا الوَجَل خَلفَ الضُهور وَواجَهوا المَنيَةَ بِالصُدور، سَحَقوا الجَمرُ المُستَعِر بأَرجُلٍ حافية، يَسنُدون بَعضَهُم إِخوةَ الدَمِ والعَقيدة الداحِضة، قَلبٌ عَلى قَلبْ وَكَتفٌ عَلى كَتفْ، تَقَدَموا بِعُقُولٍ رافِضة، أَكرَموا أَنفُسَهُم مِن كُلِ دَنيء، هُمّ لَها ولِكُلِ أَمرٍ يَجيءْ، حَشدُ الله حِينَ وَصَلَهُمُ النِداء، ما كان عَدوَهُم إِلّا أَوهَنَ مِن بَيتِ عَنكَبوتٍ شَمطاء، فَنَقطَةُ البِدايَةِ شَرِسة اِنتَهَت بِنُقطَةِ نَصرٍ بَيضاء. فَطارِت مؤامَرات الأَعداءِ وَشُرورَهُم، وَتَزَلزَلَت عُروشَهُم، وَغَدَت تَضعَفُ قِواهُم، صارَ بَقاءَهُم خَجِلاً ليُلَملِمَ قَطَرات جَبينِ العارِ بِضَرَباتٍ غَدارَةٍ بَين الحينِ والآخَر، أَصبَحَت أَصواتَهُم هامِدةً وَرِياحَهُم راكِدة وَخُطَطَهُم بالية، اعتَرَفوا بالهَزيمَة أَمامَ قُوىً حَشداوية، لِتَكونَ حَرباً إِعجازية، فيها قُدُراتٍ رَبّانِية، يَقودُها صاحِب الأَمرِ والقَضية، تَبَلوَرَت لِنُصرَة الحُجَجَ المَذهَبية . غَربَلَت هذهِ الحَربُ َالنُفوسْ وَبانَت مِن الاَرضِ هامات الرؤوس، فَبَعدَ النَصرِ المُبين تَعالَت الأَصواتُ النَشاز، مِنَ الأَلسُن الطَويلة، لاخَجِلة وَلا وَجِلة، بِخِطاباتٍ عَقيمَةٍ مُبتَذَلة، نَعَتوا الحَشدَ بالتَبَعيةِ بَينَما تَناسَوا حُسنُ الجِوار وَوُقوفُ الجارِ لِلجار مِن الشِيَمِ العَرَبية، فَلو تَكَلَمتَم صِدقاً فَالصِدقُ صِفَة أَهلِ المَكارِم وَالأَخيار، وَإِن صَمتَّم فالصَمتُ في حَرَمِ الحَشدِ جَمالٌ، فَمن فَضلِ الله عَلَينا وَغَضَبَهُ عَلَيكم، أَرَدتَّم أَن تَذُّمَوا فَمَدَحتم، وَأن تَفضَحوا فَإنفَضَحتْم، وَكَفى بِذلكَ جَهلاً لَكُم وعِلمَاً لَدَينا ( وَلا يُحيقُ المَكرُ السَيء إِلّا بأَهلِهِ ) .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام https://telegram.me/buratha