عبد الزهرة البياتي ||
بات بحكم التجربة العملية والحياتية بأن السنة التقويمية لم تعد تتضمن فصولا أربعة( شتاء وصيف وخريف وربيع) بل هي مقتصرة على فصلين اثنين لا ثالث لهما ولا رابع.. فصلان هما ( الصيف والشتاء) اما ( الربيع والخريف) فهما في خبر كان حتى لو تصاعد الدخان. وان على الجميع ان يحفظ هذا المقطع جيدا (مناخ العراق.. ممطر شتاء وحارّ جافّ صيفا).. الشتاء في بلادنا لم يعد ذاته في العقود المنصرمة حيث المطر الغزير والزوابع الرعدية والفيضانات والسيول والبرد القارس (برد العجوز- جويريد- الچلة- الازرگ) وبالفعل فقد مر فصلان من الشتاء خلال العامين الماضيين لم نستخدم خلالهما اي مدفأة ولم نستهلك لترا واحدا من برميل النفط ذي الـ(٢٠٠) لتر الذي نحتفظ به منذ عامين تقريبا.. ولسنوات طويلة مرت اختزنت ذاكرتنا الشعبية امثالا وحكايات كان يتناقلها الناس عن فصل الصيف من قبيل(الصيف ابو الفقير ففيه لا يحتاج المرء الى ملابس كثيرة ولا اغطية وفيرة وفيه تتوفر المحاصيل الزراعية والخضروات وتصبح برخص الماي- طبعا هذا الكلام أيام زمان).. اليوم هذه المقولة اصبحت جزءا من الماضي بل وعفى عليها الزمن.. وبسبب تردي واقع الكهرباء في العراق وانقطاعاتها المستمرة رغم انفاقنا (٨٢) مليار دولار عدّا ونقدا، منذ (٢٠٠٥) ولحد الآن. فقد لجأ الناس الى اصحاب المولدات الكهربائية الاهلية (خلف الله عليهم) او الاستعانة بشراء مولد كهربائي منزلي لكن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف ووصولها الى حد شواء الاجساد البشرية وتعكير المزاج جعل شرائح واسعة من الناس وعلى وجه الخصوص الطبقات الفقيرة لاسيما تلك التي تتخذ من السكن العشوائي مأوى لها ،جعلها تلعن الصيف وتَذمّهُ بأقذع عبارات الشتيمة. وهناك من راح يقولها من أعماقه (لا هلا ولا مرحبا بالصيف).. وفي الصيف يتصاعد الغضب الشعبي وتنطلق التظاهرات الساخطة احتجاجا على تردي الكهرباء في اغلب محافظات العراق وهذا ما هو حاصل الآن حيث يتصدر هاتشاك #الكهرباء ترند العراق.... وفي الصيف تتصاعد حدة الاسئلة الحائرة عن مصير التصريحات التي اطلقها مسؤولون كثر وعدونا خلالها بأنهم سيجعلون (الجو بديع والدنيا ربيع) ولكن في الواقع (لا بخيخ ولا بطيخ ولا هم يحزنون!!).
الصيف في العراق تحوّل الى شبحٍ يخيّم بظلاله القاتمة على أيامنا وليالينا فتستحيل الحياة الى كابوس. وصدق المثل الشعبي القائل (المنحوس منحوس حتى لو حطّوا براسه فانوس).. في الصيف تتساقط الكثير من الشعارات مثل أوراق التوت الصفراء وتلوك السنتنا تصريحات اطلقها مسؤولون عن منجزات في قطاع الكهرباء ليس بما يؤمن كفايتنا المحلية بل تصدير الفائض منها للخارج لكن تبين بأن ما كنا نسمعه مجرد (چاي وچذب) مثل سالوفة (عصفور كفل زرزور وثنينهم طياره)!!.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha