الحقوقي علي الفارس ||
قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
والمتأمل في حديث القرآن عن الفساد والفاسدين أو الإفساد والمفسدين، سيجد أن إيقاع الفساد من قبل البشر يأتي على مراتب:
أولها: إفسادهم أنفسهم بالإصرار على المعاصي وما يترتب عليها من مفاسد أخر. فكل معصية إفساد قال - تعالى - عن فرعون: ((الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين)) وكل تولٍ، عن الحق إفساد قال - تعالى -: ((فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين))] وكل إعراض عن الإيمان إفساد، قال - تعالى -: ((ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين))
المرتبة الثانية: إفساد الدائرة المحيطة بالمفسدين عن طريق بث أخلاق وصفات ودعاوى الفساد، وذلك بالإسراف في المعاصي حتى يتعدى أثرها إلى غير أصحابها، ولهذا قال صالح - عليه السلام - ناهياً قومه عن التأثر بالمفسدين: ((ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون)). المرتبة الثالثة: إفساد الدائرة الأوسع في المجتمعات عن طريق إشاعة الأمراض الاجتماعية المفسدة بواسطة المضلين مثل إثارة فتن الشبهات والشهوات، والوقوف في وجه المصلحين وإحداث العقبات في طرقهم زعماً بأنهم يقفون ضد مصالح الناس. قال - تعالى -: ((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)). وقال الملأ المضلون من قوم فرعون: ((أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك))
المرتبة الرابعة: الإفساد الناشئ عن فساد الحكام والقادة والزعماء، وهو الفساد الأكبر، لأن الكبراء إذا فسدوا في أنفسهم فإنهم ينشرون الفساد بقوة نفوذهم واستخدام سلطاتهم وقوتهم وقد ذكر القرآن عن بلقيس قولها: ((إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون)). وكثيراً ما يزعم الطغاة المتكبرون أن المصلحين هم أصحاب الفساد.
والان نحن نعيش الفساد على أشكاله وأنواعه حيث، هناك الفساد الإداري والسياسي والاجتماعي والوظيفي، لكن أخطر هذه الأنواع الفساد الأخلاقي، لأنه يفتح الأبواب واسعة أمام التدمير المنهجي لقيم وأخلاق وأعراف الفرد والمجتمع، لذلك يتم التركيز من قبل علماء الدين والأخلاقيين على نقطة تربوية تشكل حجر الأساس في بناء المجتمع، ألا وهي ترسيخ الأخلاق وتثبيت حضورها وفاعليتها..لغرض معرفة تأثير رداءة الأخلاق على المجتمع، لابد من استذكار الحقبة الاستعمارية، واسترجاع الأسلوب الذي اعتمده لتدمير المجتمعات المستعمَرة، فالمعروف عن الحقبة الاستعمارية، أنها اعتمدت الإفساد لجعل أهدافها في السيطرة على الأمم الأخرى ممكنة التحقيق، وهذا هو الأسلوب الذي تقوم عليه خطط ومآرب استعمار الثالوث المشؤوم أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، الذي أينما دخلوا، سارعوا إلى نشر الفساد الأخلاقي، مثل تشجيع الفساد الجنسي ونشر مواخير البغاء وتشجيع المثلية..ان الإصلاح عملية معقدة طويلة الأمد تتطلب الديمومة، فأينما يوجد الإصلاح تجد من يحاربه من أولئك الذين تكمن مصلحتهم المادية، التسلطية، في إضعاف الضمير الأخلاقي الجمعي المتكوّن من حاصل مجموع الأفراد، لذلك لا يمكن الشروع بأية خطوة للقضاء على الفساد أو الحد منه إذا لم نضع حدّا للفساد، لاسيما الأخلاقي منه..من الغريب حقا أن تمرَّر موجات الفساد تحت أغطية متعددة أخطرها ، التحجج بالحريات وأولوية حمايتها، فمن العجيب حقاً أن يذهب الإنسان إلى تدمير نفسه بخلط الفكر الشاذ وربطه بمبادئ إنسانية عظيمة، فيخلط بينها وبين المستهجَن من الفكر والسلوك، مثلا دمج الحرية والبغاء في بوتقة واحدة، مع أنهما لا يلتقيان قط من حيث الهدف والنتيجة، فالحرية تقوّم الناس وتزيد من تلاحمهم ووعيهم وتحمي كرامتهم، أما البغاء فإنه لا يمكن تمريره تحت غطاء أو عباءة الحرية..للفساد الأخلاقي نتائج اجتماعية أخلاقية خطيرة، فهو يساعد على إفساد الضمير الجمعي، من خلال نشر الانحلال والتفسخ الذي يسود المجتمع، لذلك لجأ الاستعمار المشؤوم الى تدمير الضمير الجمعي بأسلوب التفسخ الأخلاقي، وعندما تصبح الشهوة منطلقا لضمير الإنسان، فإن القيم والأخلاق سوف يضمر وجودها وفاعليتها إلى أدنى المستويات، لهذا أمكن للمستعمرين السيطرة على الدول بعد نشرها للفساد الأخلاقي بين أفرادها..تقع على قادة النخب لاسيما الاجتماعية والدينية والثقافية محاربة ظواهر الفساد التي تضرب خطوات الإصلاح في الصميم، والإبقاء على الفرد ومن ثم المجتمع مهزوزا ضعيفا منشغلا بملذاته وشهواته، تاركا المبادئ والثقافة التي تحصِّنهُ من الوقوع في فخاخ الفساد والإفساد، ومن الخطوات المهمة لردع هذا الخلل، اتخاذ الحكومات خطوات جذرية لمنع البغاء ومظاهر الفساد عبر وسائل التثقيف والإقناع، مع استخدام التشريعات القانونية التي تحد من ذلك..معروف عن فطرة البشر أنها لا تستسيغ الفساد والبغاء كونه لا يتسق مع ما
ترتضيه السجايا البشرية، لذلك على من يهمه الأمر أن يقتلع جميع مظاهر الفساد والإفساد، كما يسعى الأحرار الثوريون لاقتلاع بوادر التطبيع من جذورها، فهناك تشابه وتداخل وتقارب بين التطبيع والفساد، ولا نخطئ إذا قلنا أينما وجد التطبيع وُجد الفساد بكل أشكاله. يتّضح مما سبق قوله، أن الفساد متعدد لكنه لا يختلف من حيث الأذى التدميري الذي يتسبب به للمجتمعات والأفراد، وانطلاقا من هذا الاستنتاج، لا يمكن التغاضي عن مواجهة ذلك، وفق خطط علمية عملية مدروسة ومنتظمة، فلا خلاص من خطر تدمير القيم الأخلاقية إلا من خلال مكافحة الفساد بوسائل وخطط منهجية دائمة وعملية.واليوم نعيش في تعدد أنواع الفساد السياسي والأخلاقي والاقتصادي حتى بدء يمد خيوطه اتجاه الدين عن طريق نشر بعض الشرذمة في الشارع على انهم رجال دين وبالحقيقة انهم بذور الفساد الأخلاقي الذي يحمله لنا مخطط التطبيع الذي تعده بعض الدول المجاورة والتي تصرف على هذا المخطط الاف وملايين الدولارات لغرض نشر ما ذكرناه سابقا وكما نرى اليوم وحصرا من بغداد بدعوة شخص شاذ جنسيا واخلاقيا وبعلم الحكومة تم دعوته ليقيم حفلات بين عوائل وشباب بغدادية حتى يبث لهم طرق الانحراف الأخلاقي وحتى يكون قدوة لبعض الشباب المراهق.. لكن تم طرده من قبل ابطال شيعة علي الخلص الحقيقيون، لذلك يجب علينا جميعا محاربة الفساد وبكل أنواعه، ونسال الله حسن التوفيق والعاقبة...
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha