سلمى الزيدي || عِشْقٌ وَعاصِفَةٌ وَنار! ما هَمَّني هذا الدَمار، ما كان في بَلَدي رَبيعاً لا جَنَةَ عَدنٍ لا أَنهار، لم أَرتَد لِبساً حَريرياً جَديدً ما كُنتُ أَلعَبُ في النَهار، لا ذَهَبٌ عِندي لا فِضَةَ لا ياقوتاً أَو مُرجان، لَم آكلَ لَحماً أو طَيرآ أَو أَتَذَوق حُلوَ ثِمار، كَم أَرهَقَني هذا الحِصار، كَحَبَةٍ في ظُلُماتِ الأَرضْ صُرتُ أَشعُرُ باندِثار، تَهميشاً إِقصاءاً رُعباً مِن جلاوِزَةَ بَعثٍ كُفار، كانَ غِذائي عِشقُ إِمامي! فَحلاوةَ العِشقُ أختيار..! كانَ عُمري أَصَغر مِن أَن أَرتادُ المَدرَسَةَ، حَيثُ أَجهَل أَن أَعُدّْ وَأَحصِي حينَها عَدَدْ المَرات الَتي تَمَّ بِها رَكلُ بابِ مَنزِلِنا! لَكِن إِحساسي بالخَوف وَإِدراكَ الأُحداثُ حَولي جَعَل مِني بروفيسورةً، مَلَلنا مِنظرْ هذهِ الوُحوشُ البَشَرية، كَرِهنا رؤيَةَ البَساطيل المارونيةْ وَالمَلابِس الزَيتونية، وَالنطاقاتِ الضَيِّقَة عَلى الكُروشِ المُنتَفِخةِ، والكَلِماتِ المُتَعالِيَة مِنَ أَفوآهٍ تَكسُوها شَوارِبَ قَذِرَةً. أَبو(....) ما هذهِ الرآيَةَ الحُسَينِية؟ هَل تَنوي أَن تَأخُذَ مِنا بِالثأر، مَن نَصَبَكَ لِهذا الأَمرْ، كَيفَ يَعلو صَوتَ مُسَجَلِكُم بِقصائِدَ إستِفزازية، هَل في رأيُكَ بِهذا أَجرْ، كُتُبٌ زياراتٌ أَدعيةٌ وَتذهَبَ لِلمَسجِدِ بالسِرْ، أَتَمتَحِنَ بِداخِلِنا الصًبر؟ نَفَذَ الصَبر، تَعلَمُ إِنّا لا نَتَهاوَن وَنَجُرَكَ مَعَنا لِلقَبر! هذا تَحذيرٌ لآخرَ مَرةٍ كَونُكَ رَجلٌ كبيراً بالسِنْ، أَلا تَخاف على عائِلَتِكَ مِن البَعثِ وَرِجالِ الأَمنْ . أَطلَقَ والِدي عَلى نَفسَهُ آخِرَ طَلقَةَ شَرَفٍ بَقِيَت بِسِلاحَهُ لِمواجَهَةِ أَلَدِّ أَعداءهُ، جاءت بِجُملِةٍ واحِدة (حَقكُم ما جَرَبتُم العِشقَ !) . صَمَتَت عِنوَةً أَفواهَنا، وَكانَت تُرَدِد بالقَصائِدِ جَوارِحَنا، ( يحسين بضمايرنا )، إِصفَرَّتْ وُجوهَنا وَكَأَنَ الخَريف دَخَلَ بَغتَةً عَلى رَبيعِ أَوراقَنا وَأستَقَرْ، ما أَسعَفَتنا تلكَ النَسمات اللواتي كُنَّ يَحمِلنَ المَطَرْ، حَتى تَثاقَلَ غُصنُنا ثُمَّ انتَحَرْ، تَزدادُ فينا نَبَضاتُ القَلبِ فَيَنفَطِرْ، عِشقاً وحُباً بالحُسَينِ لا أَشراً ولا بَطرْ، تَجَرَعنا لأَجلِهِ المُرَّ وَشَرِبناهُ مِن كأسِ الديكتاتُورِيَةِ وَرِجالاتِها، ما أَنقَذَنا بذاكَ الزَمان لا قَريبٍ نُدِينَهُ صِلَةَ رَحمْ، وَلا الجار الذي وَقَفَ وَقْفَةَ المُتَفَرِجِ المُتَبَسِمْ، كُنّا كَما الغُرَباءِ الجالِسينَ بِمأتِمْ، لا نَدري أَينَ تسيرُ أَقدارَنا فالعَذابَ على يَدِ الظالِمِ لا يَغفِر وَلا يَرحَمْ . اللهُمَّ إِنّا لَم نَرى مِنهُم إِلّا قُبحاً، عَذاباً وَانكِساراً وَشؤمَاً، تَرَكوا فِينا أَعظَمَ جَرحاً، لا تَغفوا أَعيُنَنا لَيلاً لا نَرتاحُ بِذلكَ صُبحاً، لَم نَشعُرَ بالأَمنِ بَتاتاً حَتى كَلِماتُنا كانَت سِراً، كُلَّ ما في الأَمرِ عَشَقنا حُسَيناً، يا حُسَين ..إِنِّي وَأَدتُكَ في فُؤادِ فُؤادي، فَتَمَلَّكَ العِشقُ الكَريمِ شَواهِدي، دَيمومَةَ حُزني عَلَيكَ عَظيمَةٌ أَدرَكتُ فيها عُدَتي وَعِتادي، عِشقُكَ واحدٌ لا يَقبلُ التَقسِيم رُغمَ عاصِفَةَ الأَعادي، أَجمَلُ ما في العِشقِ عِنادي، طَعناتُ الخاصِرَةَ تَهونْ يُشفِيها يَقيني بِمَذهَبي وَوِدادي، بِحُب آلِ البَيت ما هَمَني الأَلَم الجَزوع بِمُقلَتي، قُلتُ لِلموت مرحِباً يا هادِمَ اللَذاتِ، وَمُبعِدَ الأَحبابِ في الغَمَراتِ، فَهَرَبتُ مِن ذاتي إِلَيَّ لأَتَذَوَقْ طَعمَ السَكَراتِ .. مُذ كُنتُ طِفلَةً ما تَرَدَدّْتُ لِوَهلَةٍ بِحُبِكَ (ياحُسَين) لَم تأخُذَني لَومَةَ لائِمْ، كَبِرتُ رافِضيةً وها أَنا اليومَ أُقاوِمْ! أُقاوِمُ كُلَّ الهَجَماتِ اليَتيمَة حولَ ديني وَعقائِدي، أُقاوِمُ تَطبيعاً تَكفيرياً موسادي، أُقاوِمُ نَقداَ لِحُزني وَارتِدائي لِلسَوادِ، أُقاوِمُ جميعَ أَقزامِ مُخَلَفاتِ البَعثِ الصَداميُّ الدامي، أَقفُ بوَجهِ الظُلمْ كَما الحُسَينِ إِمامي، أُسحَبُ الحَقَ مِن ضُروسِ الباطِلِ وَلو كانَ على حِسابِ آخِرِ طَلقَةً في شاجورِ عِتادي، لأَنتَظِرَ الأَخذَ بالثأر مَعَ إِمامٍ مَهديٍّ آتي، مولاي طالت الغَيبةَ فعَسى جَوادُكَ قَبلَ كُلِ جوادِ.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام https://telegram.me/buratha