أن الفكر (الداعشي) الذي مازال يسعى إلى توريط النص الديني في أكثر الأعمال عنفاً ودموية من خلال ربط تلك الأعمال بمقولات الدين, هذا الفكر لم يكتفِ بمهمة إيصال هذه الرسالة فحسب, بل حرص على أن يوصل رسالة أخرى تقابل الرسالة الأولى بالمضمون وتتفق معها بالهدف.. رسالة أراد لها أن تخبر الجميع " إلا من عصمه الوعي" أنه آن الأوان للبحث عن الضد النوعي لأي من مناخات ذلك النص الذي ما انفك يخبئ في طياته شراً محضاً, ليقوم بتوزيعه على الجميع بالتساوي, وبذلك يهيئ هذا الفكر, الأرضية المناسبة (لصاحب الامتياز/ الولايات المتحدة) في تقديم حلوله الحضارية التي لاشك أنها ستتقاطع تماماً مع أيةً مقولة من مقولات الدين. ولكن هذا لايعني الاعتماد على مقولات دينية قادرة على البناء, بل يعني مفارقة كل ما من شأنه أن يذكرنا بالنص الديني. ولكي تكتمل فصول هذه المسرحية, فأن صاحب الامتياز في صناعة (داعش) عليه أن يتأكد دائماً وأبداً أن الإرهابيين قد قاموا بمهامهم على أكمل وجه في إيصال الرسالتين كاملتين غير منقوصتين؛ حتى يتسنى له القيام بدوره اللاحق بلياقه منقطعة النظير. فبعد اكتمال وصول الرسالتين ستكون النتائج هائلة فيما يتعلق بحالة الرفض والهلع من (الأدوات) التي أقامت فينا حفلة شواء لم يرَ التاريخ مثلها, ليتقدم هذا الشواء على أنه بضاعة نادرة, وعلى الرب تقع مسؤولية تعويض الإرهابيين بطابور من الحوريات لا عدَ له ولا حد. بعد حفلة الشواء هذه تكون المسرحية قد أدركت بداية فصلها الأخير؛ إذ يقوم صاحب الامتياز بطرح ضده النوعي الذي سيحول بيننا وبين تراثنا إلى الأبد: ضد نوعي سيساعدنا بالتخلص من ذاك (الشر المحض), فضلاً عن مساعدته في بناء حياة حرة وديمقراطية, يُكرم فيها الأنسان, مع التأكيد على أهمية ترسيخ القيم التي يتبناها بوصفها علاجاً لكل أمراضنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبعد أن يُسدل الستار تكون النشوة قد غمرتنا من رأسنا إلى أخمص قدمنا. فنذهب لِننام عميقاً في غمرة أحلامنا, ولكن ما إن نستيقظ حتى ندرك أن ذلك لم يكن الا وهماً, ولقد انطلت علينا للتو فصول مؤامرة كارثية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha