حليمة الساعدي ||
في مثل هذه الايام كانت ذئاب التكفير تجوب الصحاري وتتخذ من جوف الارض جحورا تختبئ فيها نهار وتخرج ليلا لتنقضَّ على الغافلين من اهلنا تنحر الرقاب وتقطع الاوصال وتستحيي النساء وتخطف الاطفال من مضاجعهم فتودعها معسكرات الرعب تربيهم ليكبروا قتلة ومجرمين. لم يكن رجال الله في غفلة لكنهم كانوا رهن الاشارة.
وحين اقتربت قطعان الذئاب الجائعة حدود بغداد انطلقت الاشارة من هناك من عند عليٍ الامير. من بيت يلوذ بظل القبة المذهبة من ذلك الزقاق الذي طالما وقف امامه الرجال، طوابير من المؤمنين يلتمسون الاذن بالسلام والقاء التحية على ابن فاطمة المهيب.
ذلك الصامت المرعب فصمته كلام وكلامه فعل وفعله حزم وعزم. لايعرف الهذر ولا يتفوه الا بالحق والصدق، كلمات قليلة تكفي لتفحم الجميع وتخرس افواه المتقولين وتضرب ساق الباطل فتجعلها كسيحة.
ان الفتوى التى اطلقها سماحة حجة الاسلام والمسلمين اية الله السيد علي السيستاني دام ظله الوارف كان لها مفعول مئة الف قنبلة نووية لان تأثيرها لم يقتصر على العراق فحسب بل تعدته لتغير وجه العالم وتجعل عظيم دول الاستكبار يعيدون صياغة مفرداتهم ويراجعون قواميس السياسة ويقفون في ذهول مشلولة عقولهم امام هذه القوة الجبارة التي ليس لها جذور مادية وانما هي طاقة روحانية اصولها في السماء وفروعها متدلية في الارض وثمارها الجنة.
كم استهزأ المخالفون بعقيدتنا وكم سخروا من ارتباطنا الوثيق بالحسين..
كم شتمونا على المنابر و كفرونا واحلو ذبحنا لاننا على ولاية امير المؤمنين وامعنوا في التنكيل بنا من خلال حكومات توالت علينا بدأ من حكومة معاوية وانتهاء بحكومة صدام المقبور الذي اسس للطائفية والقاعدة والدواعش. القوم ابناء القوم، هي نفس الوجوه ونفس العقيدة والفكر الدموي الحاقد على ال بيت النبي وشيعتهم .
اما علموا ان ولاية علي غموس خبزتنا، وحبهُ النسيم العذب الذي يملئ صدورنا، ونهجه المصباح الذي يُنيرُ قلوبنا وعقولنا، وهذا هو سر ارتباطنا بعلمائنا ومراجعنا العظام. فنحن شعب يمتثل لأمر المرجعية حد الموت، لان المرجع بحسب اعتقادنا و ثقافتنا بمثابة السفير للامام الحجة ونائب عنه في مجال غيبته وقد مثل سماحة اية الله العظمى السيد علي السيستاني الانابة خير تمثيل حينما اعلن الجهاد الكفائي فتلقفتها الجماهير الموالية بجنون عابس وعشق حبيب بن مظاهر الاسدي فما كانت الاستجابة سيرا نحوا الشهادة بل كانت هرولة وسباق، والجريح يبكي ليس من الالم بل لانه لم يوفق للشهادة وصار سلامهم ووداعهم.. الملتقى عند الحسين...
ما اعظمه من جهاد وما اصدقهم من ملبين لم يكن في طموح اي واحد منهم غير الشهادة ثمنا فكان سعيد السماك يستثمر اجازته ليبيع السمك بكل ما اوتي من جهد ليترك ثمنه بيد اهله كي يطمئن عليهم في غيابه ويلتحق ويبقي في جيبه اجرة الطريق لا غير.
كانوا يذهبون للجبهات بسيارات اجرة او بوسائل نقلهم الشخصية ولم يخطر ببال احدهم ان يتذمر من الدولة او من الذي افتى بالجهاد لعدم توفير الدعم اللوجستي فمن لم يخرج بسلاحه الشخصي خرج حاملا عصاه.
انه جنون الارتباط بالمعشوق. الحسين. فالجميع قد حدد الهدف لبيك ياحسين لبيك ياعراق هيهات منا الذلة.
لقد طرق ابو احمد الباب في استحياء على دار اخيه وجاره ابو حيدر وهو يوصيه بعياله خيرا لانه استشعر بقرب الاجل و إنه الالتحاق الاخير فأجابه الجار الطيب.. لأُنعِمنَكَ عيناً ولسوف نتقاسم مع اهلك وعيالك الرغيف.. ابتسم ابي احمد ابتسامة الاطمئنان والشكر لله وتوجه يسرع الخطى نحو السيارة التي تقل بقية المجاهدين المتجهين نحو الهدف، جرف النصر وحال وصولهم كانت المعركة قد بدأت فما كان منهم الا ان التحقوا باخوتهم وقاتلو قتال الابطال وفي خضم ذلك الالتحام استقرت رصاصةُ قناص في جبهة ذلك الشيخ المسن (ابو احمد) الذي ترك اهله وعياله صباحا في امان الله و الطيبين من الاصدقاء والجيران فعاد اليهم مساءً محمولا وقد وسم الله جبهته بميسم العزة والرفعة وارتقت روحه سلم الشهادة..
كم هي كثيرة ومتنوعة واسطورية قصص مجاهدي الحشد في سبيل الله والدين والمذهب والوطن. لم يعرف التاريخ ملحمة لجهاد الحق ضد الباطل بعد الطف كملحمة الحشد الشعبي المقدس.
لم يتوقع العالم المتجبر الذي امطرنا قذائف حقد وتدمير طالت الزرع والضرع واستهدفت المقدسات والقيم عبر برامج انفقت عليها مليارات الدولارات في محاولة منها لتمزيق عرى المجتمع واضعافه وجره الى التجرد من الاخلاق والدين والحمية والغيرة والشرف لكنهم افاقو على صدمة نزلت على رؤسهم كالصاعقة فذلك الشاب المنحل اشرأب ملبيا فتوى الجهاد وراح يسابق الموت وذلك المزارع ترك الحقل ولحق به العامل والتاجر والبائع والموظف وصاحب العمل يمسك بيد عماله راكضا مناديا حيا على الجهاد فلم تنفع برامج امريكا ولا دسائس اسرائيل في تغيير خارطة الولاء في قلوب شيعة علي لقد اصبهم السيد السيستاني في مقتل وجعلهم يجرون
اذيال الفشل والخيبة فقد نهض المارد المقاوم بكلمة واحدة ( الجهاد الكفائيعلى من استطاع اليه سبيلا) ولك ان تتخيل لو ان الفتوى كانت بعنوان الجهاد الواجب فرضُ عين فكف سيكون شكل الحشد الشعبي المقدس.
وماهو حجم الصفعات التي يوجهها لداعش ومن ورائها..
ان حقد امريكا واسرائيل وحلفائهما من العرب وغير العرب ومطالباتهم المستمرة بحل هذه المؤسسة المجاهدة وتشويهها وتركيز الاعلام المأجور على محاربتها له اسبابه المعروفة لدينا وستبقى هذه الجدلية قائمة ونتوقع منهم المزيد لان الحشد الشعبي المقدس اصبح مصدر تهديد لأمن واستقرار اسرائيل.. فسلاما يا حشدنا المقدس وجعلك الله شوكة في عيون اعداء الدين..