علي حسين الاشرفي||
منذ تأسيس الحشد الشعبي، في حزيران ٢٠١٤، ولغاية الآن الحشد يكذب..!
لكن كيف؟ كيف يكذب وهو مقدس؟
لا يخفى على جميع المتابعين، للشأن العسكري، بأن الحشد الشعبي ومنذ تأسيسه، يعتبر قوة ضاربة، أي أن قطعات الحشد الشعبي، مهمتها شن الهجومات وتحرير المناطق، لما يحملوه من قوة عقائدية، تجعل من أعدائهم، تفر من أمامهم مذعورة، وهذا ما رأيته بأم عيني، من دون أن أسمعه من أحد.
جيشنا العراقي البطل، إستبسل كثيرًا ما قبل تأسيس الحشد، وإنطلاق الفتوى المباركة، لكنه أُنهك كثيرًا، وأعطى الكثير من الشهداء، بسبب الخيانات الحاصلة، من بعض الضباط الخونة، الذين كانوا يتسنمون مناصب مهمة.
عندما جاء الحشد، عادت أغلب قطعات الجيش إلى مقراتها، لترتب أوراقها، وتسترد عافيتها، وتعود من جديد، فبقي حشدنا وحيدًا، ما عدا بعض القطعات لجهاز مكافحة الإرهاب، وفرقة الرد السريع، والقليل من الجيش العراقي.
هذا النقص جعل من الحشد الشعبي، يشغل قطعات كثيرة، وخطرة بنفس الوقت.
هذه الخطورة هي سبب الكذب، فالشاب الحشدي، عندما تتصل به والدته مثلًا، يخبرها بأنه في أحد مقرات بغداد، أو أي مقرات أخرى في القاطع، وقد يخبرها بإنهم قوة ماسكة، وليست هجومية، مما يجعله بعيدًا عن خطر المواجهة، وإذا شرعت قوته بدخول معركة، ولهم علم بإستمرارها، لأكثر من ٢٤ ساعة مثلًا، فبطلنا يتصل بوالدته، ليخبرها بأنه سيدخل في دورة تدريبة، والمشرفون عليها يمنعونه من إستخدام الهاتف.
والكثير الكثير من الكذب، على الأب، الأم، والزوجة، على الأخت، والحبيبة، وحتى على الأصدقاء، وفي بعض الأحيان نكذب على الجمهور كله، لكوني كنت مراسلًا حربيًا، لأحدى القنوات الفضائية، فإني عندما أنقل صورة عن المعركة مثلًا، القوة والعزيمة وهاتان حقيقة مطلقة، لكن الكذب هنا مثلًا الماء يصلنا باردًا، ونحن كل عشرة أنفار، بخمس عبوات ماء حار، وعندما أعطي أعداد الشهداء، فكل رقم يحتاج أن يضرب في ثلاثة أو أربعة، ليكون حقيقيًا، كل هذا لنبعث رسالة إطمئنان، إلى أهلنا وأحبتنا، بأننا أقوى.
لست فقيهًا، لكنني أعتقد بأن هذا الكذب مباح! لأنني كنت لا أريد أن يرتفع سكر أمي وضغطها، لأنني كنت أريد من أبي أن يخبر ( شياب ) الحي، بأن أبنائهم بخير، وهم مسيطرون على الدوام، كنت أريد أن أوصل رسالة للدواعش، بأننا من المستحيل أن نهزم، وتنكسر إرادتنا، لأنهم حتمًا يراقبون إعلامنا، ولهذا السبب كانوا دائمًا لا يواجهون الحشد، وإن واجهوا، فمواجهتهم قصيرة جدًا، ثم يُقتَلوا ومن أراد النجاة منهم، فعليه بحيلة ابن العاص جدهم.