كوثر العزاوي ||
إنّ محاولة فَهم طبيعة النفس البشرية، من ناحية خيرها وشرّها، مَهمّة معقّدة وليست يسيرة، وعادة مايسعى أصحاب النفوس النقيّة وذووا الأرواح النبيلة لتغليب الخير على الشرّ ماستطاعوا إلى ذلك سبيلًا، عبر السَّيْر التكامليّ للحق، علّها تحظى بِقَدر من القرب على أمل الوصول، سيما وأنّ ثمّة محطةٌ للوَصْل بسيّد الوجود ومركز الضوء المُوصل بالمطلق.
وهو الوسيلة التي يسعى كل من شرح اللهُ صدرهُ للإسلام والإيمان فهو على نورٍ من ربّه ليجدَ ضرورة الارتباط به "عليه السلام"! الامام المهديّ المنتظر والوسيلة النوريّة ذات العصمة والنجابة، لتقتبس تلك النفوس من سَنا نورهِ وتكتسي لَمَعانَ قربهِ.
ولعلّ مثل هذا الأمر بحاجة إلى لزوم إرساء قاعدة نفسية وروحية يحتاج معها الإنسان الى الهروب برهة من وطيس الواقع ونيرانهِ المستعرة طوعًا أو كرها، فلا وصولَ لنيلِ الهدف مالم تَشرع النفس بتعبيد الطريق السالك إلى ذلك الطهر الملكوتيّ المؤدي إلى الجلال المطلق، ومن هنا لابدّ لهذه النفس المثقلة إلى إعداد الزاد وشدّ الرّحال صوبَ محضر القدس لسيد القلوب، وهادي البرايا! بِدءًا من تنظيف القلب وجلائه بما يليق بمقامه، وإخلائهِ من الأغيار، ثمّ تطهير العقل من الأفكار المشوِّشة التي تُحدِث صَخَبًا واختلال، الى تهذيب الوشائج والعلائق الفردية والاجتماعية، حتى تقنين اللذائذ والشهوات.
وصولًا بالشروع الى إخلاء الطريق من مثبّطات العزائم ومُوهِنات الهِمَم، فكلّ هذه الوسائط والمقدّمات، ماهي إلّا وِثاقُ عهدٍ، وميثاقُ بيعة بين نفس المؤمن ومحطة بهاء الأمل الموعود "عجل الله فرجه" لأجل إحراز التأهيل لواجب التمهيد وصدق الإنتظار.
علمًا أنّ عملية التغيير باتجاه القرب لا تتم على أسس نظرية بالوعظ المجرّد فحسب، إذ لابد أن يقترن ذلك بالتوكّل على الله والثقة به وبالممارسة العملية، اعتمادًا على الفضيلة ودوام الاستقامة والقدوة الحسنة والإخلاص لله تعالى، إنّما ينتظر ظهوره المخلصون فلنتأمّل!، وذلك لما للإخلاص من دور في كمال الفرد، ولدورهِ في استنزال المدد الغيبي والنصر الإلهي على الأمة والفرد، والّا فهناك أثمانٌ باهضة تُدفع ضريبة في طريق الإستمرار دون التغيير أو التقنين ثم الثبات على ذلك.
{وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا} الجن ١٦
١٥ذوالقعدة١٤٤٣هج
١٥-٦-٢٠٢٢م
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha