علي علي ||
ذنبك بيش اعده بألف... يو لك
واگله الحگ إلي يانغل... يولك
اكل ياعنز والدباغ... يولاك
يطلع اشما كلت طيبة وردية
... (منقول)
لو أردنا التحدث عن تظاهر الشعوب لنيل حقوقها، وما سرق منها تحت جنح ليل داجٍ من التآمر والخديعة، وبستار كاذب أشبه بالـ (كوكتيل) من الدين والشرف والوطنية، فهو حتما حديث ليس بجديد على الأمم جميعها، لاسيما المغلوب على أمرها بانصياعها -في ظرف زمني طال أم قصر- تحت نير سلطات دكتاتورية قمعية، تكون السرقات فيها أبسط إفرازاتها وأولها، وقطعا هي ليست آخرها. وهذا حتما لايعني سلامة صورة من تصدروا المشهدين في عهد النظامين السابق والحالي، فالحال من بعضه ولاسيما لدى الأخيرين، بل مازاد الطين بله هو أن السرقات أضحت (جملة- مفرد) ورائحة السرقات، باتت مرغوبة كعطر (Prut) أو (Hugo) أو (Dentley) إذ يتسابق على نيلها كل من يعتلي سدة الحكم في عراقنا الجديد، ونراهم يفتخرون بضوع عطرها وعبقها الفواح، وكلهم (دون استثناء) يرفعون شعار: (رجّال اللي يعبّي بالسكلة رگي). أو لعلهم يقتدون ببيت الشاعر العباسي سَلْمُ بن عمرو بن حماد الخاسر، والذي يقول فيه:
من راقب الناس مات هما
وفاز باللذات من كان جسورا
وهاهم يفوزون باللذات، وسأبقي على حديثي عند هؤلاء الفائزين، فالسرقات في رأيهم وقناعتهم، هي أخذ ماخف حمله وما ثقل على حد سواء، وبالسؤال عن كيفية الأخذ، فإن الجواب لايعنيهم شيئا أنّى يكون، فالحلال والحرام ليستا في قاموس حياتهم، وكذلك الجائز وغير الجائز، فضلا عن المسموح وغير المسموح، أما عن العيب واللاعيب فأظن المثل الآتي يجسد حالهم خير تجسيد، إذ يقول: (إذا جاك العيب من أهل العيب.. موعيب).
بل أنهم تجاوزوا فحوى المثل وسبقوا المقصد منه، حيث تفننوا في تطبيقه ليس على المال المنقول فحسب، بل طالت أيديهم غير المنقول من ثروات البلاد وأراضيها ومافوقها وماتحتها، ولم يفتهم الهواء طبعا فهو الآخر لهم حصة كبرى من ريعه وعائداته، وياليتهم اكتفوا بهذا القدر وشبعوا، بل سال لعابهم على صحة المواطن ودوائه، إذ بات الأخيران تجارة وأوراقا مالية وبورصة يجنون منها ماطاب لهم، كذلك الحال مع حقوقه المشروعة، حيث مسكوه (من إيد التوجعه). فالكهرباء أضحت ورقتهم الرابحة، ولسوء حظه فهي في يدهم (جوكر) يطرقونها متى ما ضاقت بهم الحيل، وكثرت أصابع الاتهام صوبهم، وتظاهر الشعب ضدهم وضد سرقاتهم، فـ (قاطع الدورة الكهربائية) بمتناول أيديهم، يتلاعبون به كما لعبت بنا الأيام بالنرد والحجر، وقطعا هنا الضمير -إن وجد- يغط في نوم بل سبات عميق.
أما الذي جعل الله منه كل شيء حي، فقد وجهوا فرضتهم وشعيرتهم صوب المواطن ليمنعوه عنه، بشكل يخلو من مخافة الله، ومن وازع الأخلاق والإنسانية، ولاغرابة في هذا، فالوطن في الحقيقة ليس وطنهم، والشعب ليس شعبهم، فقد أتوا في عتمة ليل بهيم، على ظهر دبابة محتل، ليكون العراق سوقهم التي يتبضعون منها ماشاءوا، ولم ينسوا الاحتفاظ بجنسيات بلدانهم الغربية والشرقية، فهم على يقين أن الاحتماء بتلك الدول سيأتي يومه، بعد أن تدور الدوائر على رؤوسهم من جراء مافعلوه بهذا البلد، وكما قال مثلنا: (الياكله العنز يطلعه الدباغ).
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha