انتصار حميد ||
البصيرة هي البينة والدلالة التي يبصر بها الشيء على ما هو به, وهي من الكيفيات النفسانية, فموطنها ليس الحواس الظاهرية وإنما القلب, فإصحاب البصيرة هم أصحاب القلوب الواعية, والذي يكون ارتباطهم بالعقيدة الاسلامية ارتباطاً صحيحاً وعميقاً.
فالمؤمن من دون بصيرة لا يمكن أن يأمن النجاة, لأنه قد يقع في مؤامرة بسبب فقدانه للبصيرة, وهذا ما دل عليه الامام علي ( عليه السلام) في قوله: "العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق, لا يزيده سرعة السير من الطريق إلا بُعدا".
وكما ورد في رواية عن الامام الرضا (عليه السلام): "والله لايكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تُمحصوا وتُميزوا, وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر". في ضوء ما يمر به الانسان من كثرة الفتن, يحتاج إلى البصيرة, فالمنتظرين الحقيقين هم كما وصفتهم بعضُ الروايات ب "أهل البصائر".
وفي ضوء ذلك لابد من السؤال الآتي: كيف يعرف الانسان أنه على بصيرة في كل اموره؟ والجواب على ذلك: هو أن البصيرة هي ثمرة التفكر, فمن يسمع الأشياء من حوله, ويبصر ما حوله, وهكذا كل ما يأتي إلى النفس من منافذها وهي الحواس, ثم يتأمل ويتدبر ويفكر فيها, ثم يخلص إلى ما يوافق حكم العقل والشرع فيكون بصيراً, فيحصل له اليقين الكاشف بحقائق الامور, وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في الآية الشريفة:(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بِها ).
وفي حديث للأمام السيد الخامنئي (دامت بركاته) يُبين كيفية البصيرة: "الحياة الاجتماعية المعقدة اليوم, لا يمكن السير من دون بصيرة. على الشباب أن يفكروا ويتأملوا ويزيدوا من بصيرتهم, وعلى علماء الدين والأساتذة في الجامعات والحوزات, الاهتمام بمسألة البصيرة.
البصيرة في الهدف, في الوسيلة, في معرفة العدو, في معرفة عقبات الطريق, وفي معرفة سبل التغلب على هذه العقبات ورفع الموانع...الخ, فهذه البصائر كلها ضرورية.
إذا توفرت البصيرة عندها ستعلمون من هو عدوكم, وتأخذون معكم الأدوات والوسائل اللازمة.
فالبصيرة هي أن تعلموا ماذا تريدون لتعلموا ما الذي يجب أن تأخذوه معكم".
أن من أهم صفات المنتظرين لإمامهم القائم (صلوات الله عليه), أنهم أهل البصائر, كأصحاب الامام الحسين (عليه السلام) في كربلاء, وكما جاء في رواية أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "قوم لم يمنوا على الله بالصبر, ولم يستعصموا بذلَ أنفسهم في الحق, حتى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدة البلاء, حملوا بصائرهم على أسيافهم ودانوا لربهم بأمر عظيم".