عباس زينل||
يعتبر هذا الملف من أخطر الملفات حاليًا في العراق، ويمكن أكثر من ملف الكهرباء والسكن والأمن، لماذا؟ لأن التعامل مع الطلبة المعتصمين المطالبين بالتعيين؛ خطر وحساس جدًا.
فإذا قمت بقمعهم فالإعلام والشارع ينقلب عليك، لأنك قمعت طبقة مثقفة، وإن لم تقمعهم فيعطلون سير الحياة او عمل الوزراة؛ التي يعتصمون أمامها، إذًا ما هو الحل وكيف؟
قبل أن نسترسل بالحديث؛ دعونا نتعرف على اعداد الموظفين في العراق ورواتبهم، حيث بلغ عدد الموظفين في العراق 5 ملايين موظف في الدوائر المدنية، ويتقاضون 51 تريليون دينار اي 42.5 مليار دولار. ميزانية العراق في 2021 بلغت 89.7 مليار دولار، بمعنى رواتب الموظفين تبلغ نصف الميزانية،
هذا بغض النظر عن رواتب العسكريين والأجهزة الأمنية، وبغض النظر عن رواتب الرعاية الاجتماعية بأنواعها، وبغض النظر عن العدد الحقيقي للموظفين، وبغض النظر عن الموظفين الفضائيين.
دعونا نتحدث عن الحلول وقبل البدء يجب ان تعرفون، بأن الطلبة المعتصمين لا يطالبون الا بحقهم، هنا اسأل، كم من طالب من هؤلاء الطلبة لديهم القدرة في إدارة العمل في الوزارات والمؤسسات؟ كم عدد الطلبة الذين تخرجوا وهم يستحقون التعيين واستلامهم زمام العمل؟ الآن أنت باعتبارك خريج ومثقف، من المفروض تكون من ضمن أدوات الحل وليس عاهة وعبء على الدولة، صح؟ أنت لابد ان تعلم بأن العراق من الدول الاستهلاكية وغير صانعة، والموظفين في العراق عملهم ليس بالمستوى المطلوب، وأكيد تتلمسون هذا الأمر عندما تراجعون دوائر الدولة، من خلال التأخير والبطء في الاداء لديهم.
وكذلك يجب ان تعلم بأن العجز في الموازنة بسبب رواتب الموظفين، دعك من أحاديث العاطفة، كأن يقولون أين نفط العراق والمفروض العراقي يمشي على طبق من ذهب..إلخ،
تعامل مع الواقع بشكل عقلاني ومنطقي وبالموجود لديك، نحن لدينا مشكلة في فهم القطاع الخاص والتعامل معه، الكثير منا يتخيل بأن القطاع الخاص هو ان تكون لديك معامل ومصانع وتصدر إلى الخارج! في حين الشركات الأجنبية التي تستثمر في العراق وكذلك الشركات الأهلية؛ هي أهم معلم من معالم القطاع الخاص. ولكن كيف نتعامل مع القطاع الخاص هنا تكمن المشكلة، الدولة لديها سوء إدارة في التعامل مع الشركات.
من ضمن الحلول الكبرى والواقعية؛ هي المساواة بين القطاع الحكومي والخاص، هنا الخريج عندما يسمع بالقطاع الخاص، مباشرة يذهب ذهنه إلى موضوع التقاعد وكيف يضمن مستقبله! إذًا عندما تساوي بين الإثنين فليست هناك اي مخاوف بعد، مع الجدير بالذكر بأن الرواتب في القطاع الخاص أعلى بكثير من الحكومي.
هنا يجب على الدولة فرض شروطها على الشركات، كأن تحدد عدد العمال والمهندسين والإداريين في الشركة من الجانبين، حتى تحتوي العدد المطلوب من الخريجين عندك.
وكذلك يجب ان تمارس دورك الرقابي، وتعمل جرد على جميع التفاصيل لديهم،
هنا سوف تواجه مشكلة واحدة، وهي بأن الشركات تبحث عن الكفاءة في العمل،
اذا هذه بنفس الوقت ستكون ورقة ضغط بيدك على الخريجين، حيث انت مسبقًا في الجامعات شرحت لهم عن كيفية الحصول على التعيين، وكذلك حددت راتب القطاع الحكومي مسبقًا حسب كفاءته في العمل، والقطاع الخاص كذلك راتبه يوضع من قبله هو، إذًا الخريج أمام إختيارين، إما مستواه ضعيف في الجامعة ويتخرج ويذهب الى القطاع الحكومي ويستلم راتب حسب كفاءته، وإما مستواه جيد يتحرج والشركات تبحث عنه لكفاءته،
وبذلك انت قد ضمنت أكثر من نقطة مهمة،
النقطة الأولى الرواتب أصبحت حسب الكفاءة، والنقطة الثانية وهبت لوزارة التعليم خدمة مجانية عندما وضعت منافسة بين الطلبة للحصول على التعيين.
إذًا هكذا ملفات مشكلتنا معها ليست فقط نقص اموال وعجز، وإنما نحتاج إدارة صحيحة ومنطقية بعيدًا عن التحزبات والمحاصصة، وكذلك تعاون بين الشعب والحكومة.