كوثر العزاوي ||
وانت تجوب أروقة مواقع مايسمى اليوم با{السوشيال ميديا}
فأينما تولِّ وجهك: فثَمَّ مايخدش الحياء ويندى له جبين الغيور عبرَ حكايات أو إيحاءات لا أخلاقية، أو أن تسمع حوارًا سياسيا بين مسؤولَيْنِ يتوسطهما مقدِّم البرنامج فما تمرّ دقيقة إلا وأعياكَ التراشق الرخيص بالألفاظ دون أيّة ضابطة أو تحرّزٍ لا مِن عيبٍ أو حرام إلّا ماندر، أو قد تُصدَم بنماذج شبه بشرية تتحرك كما القرود في حركات لامسؤولة فقط لتلفت الانظار! وفي حال الانتقال من نافذة إلى أخرى يجذب ناظريك عنوان لافِت فيأخذك الفضول للكشف عن مضمون سطوره، وإذا بك تُذهَل بتغريدة لاحد المصلحين افتراضًا، ليعصِمُ نفسه من الزلل وهو الباطل بعينهِ، ثمّ تقلّب عينيك نحو قنوات وصفحات لأصدقاء تَحسَبهم في نهج الوسطية عدول، فإذا هم في النّقل يتطرفون، وشريحة على قناعاتهم ينطوون، وثمة شركاء في ثقافتهم يفاخرون، وبعض الاحبة ينشرون مالا يفقهون، واغلبية القوم عن الحقيقة غافلون، والحصيلة: أنّ أكثرهم للحق كارهون.
فذا حالُ من يجوب مواقع التواصل متصفِّحًا متفقّدًا أحوال العالَم ومجريات الأحداث، ليجد انّ التفاهات وثقافة الإلتقاط وظواهر نفسية تعكس سلوكيات دخيلة على المجتمع الإسلامي، فتسبب غموضا حتى تفقِد الجماهير والمجتمع القدرة على التفكير السويّ وتحديد الوجهة المستقيمة في زمن أصبح العقل الجمعي هو السائد، وليس لكل إنسان عقلًا مستقلًا جديرًا أن يكون بمثابة رسولهِ الباطن الذي يدعوه إلى الاستقامة والفضيلة كما تؤكد سيرة العقلاء وذلك هو البلاء المبين،
ترى!! كم يجب أن يحترز المسلم من الاستغراق قبل خوض الغمار خشية
ولوج المحذور، لأن شبكات التواصل الاجتماعي مباحة للجميع بلا شروط أو قواعد، فيمكن للجميع استخدامها واللجوء إليها دون شرط أو قيد، الجاهل من حقه أن يدخلها والمنحرف والمجرم والنصّاب، فلا حدود ولا مزايا لمن يريد استخدامها، ولعل الجناية في هذه الخدمة العَولَمية، أنها تفتقد للمعايير التي يجب أن تحفظ مكانة المواهب وتعطيها حقها وقيمتها الحقيقية، فلا أقلّ من أن تترك حرّية نشر مايخالف معاييرهم الباطلة حسب زعمهم فتهرع لحذف مالايروق لها!! ومن هنا نجد أن سياسة خدمة الشبكات العنكبوتية، قد شجعت على تسطيح الأفكار ، ونأت بالناس عن العمق في التفكير والأبداع، فقد أصبح معظم مايمرّ بالمتصفح، كم من المعلومات الاستهلاكية الألتقاطية، بلا تحليل وبلا تفكير!! والتألق اليوم في شبكات التواصل الاجتماعي ليس لذلك المفكّر او العالِم، وليس الصدارة للكاتب ولا المثقّف، بل وحتى الذي يذكّر ويعلّم يمرّون على نشرهم صمًّا وعميانا!! فليس لكل أولئك السطوع والإجتذاب بل للتافهين وروّادهم بالملايين!!، وذلك لأن السوق الرأسمالية في الإعلان التجاري تعتمد زيادة أرباحها على عملية زيادة التفاهة وثقافة النَزَق والجهل عند الناس.
٢٥ذو القعدة١٤٤٣هج
٢٥-٦-٢٠٢٢م
https://telegram.me/buratha