سلمى الزيدي ||
استيقظت كعادتها منذ الصباح ،اتكأت على الأرض بكفيها، تأوهت بہ (يا علي ) لتنهض بطولها الذي نقص الربع منه لانحنائها ، خطوة بعد أخرى جمعت قواها ، عدلت الغطاء فوق (الايتام ) أحفادها، غسلت وجهها بماء بارد مع( الصلاة على محمد وال محمد) ، تبركت بشماغ العلوي فقيدها ،..
سحبت عباءتها التي لا لون ثابت لها ، غيرت شمسُ الجَديدَينْ صبغتها فأنشق اسفلها وأحمر اعلاها ، أختلفت آثار الفصول على رداءها فتجمعت الوان الطيف لتمحو سوادها !
خرجت لتعتاش رزقها ورزق اولادها ، لم يجتاز نظرها بَعدُ الرفاهيةِ
تحددت داخل وطنها وسكناها ، علقت الشوال على رأسها كالجنائن
البابلية لملمت بعض العلب الفارغه استدلت عليها من صرير الخريف
داخلها، كصوت الجوع في بطون ايتامها اكتشفت بقعه طرية
هناك مسكت (مگوار) ثورة العشرين حفرت في السراب ضنت إنه ماءً
فخرج ينبوعاً من الكنز الأسود، ما أعارته أهمية بقدر تكالب الفاسدين والعملاء عليه ،
دارت وجهها عنه كعقارب القشلة ، ظهرت خيوط الشمس فتلألأ في عينها الفرات ودجلة .. التفتت تبحث حولها كسامراء الملوية، موت هنا ضجر هناك اتكأت من التعب على اعمدة زقورة جنوبية، ثم دنت فتدلت من قوس المدائن، لتجد في الأرض لمعاناً ذهباً وأموالاً بأغراءات(اجنبية) ، وبين الأريد واللا أريد خلعت
من رأسها الأفكار الشيطانية
مسحت بكفها قطرات عرق جبينها، فطبعت خطوط يدها المسمارية
على لوحها الطيني ، وكتبت على هامتها عبارة شرفية
(هيهات منا الذلة ) الحسينية الأزلية ،
رفست المال الحرام بقوة كالثور المجنح بقدمها ، وطحنته مع الأمارة بالسوء
برحى جنوبية ، نثرته لجرذان الحقل المتكرشة من أكل السحت والمال الحرام، فجأة تقربت من حدودها الذئاب السوداء وكشرت عن أنيابها لتنهش اللحم وتشرب الدماء!فأوجست في نفسها خيفة.
لولا أن جاءت معجزة السماء اصطفت الاشجار العملاقة حولها كان لأمتزاج الخريف والربيع لونَين على أوراقها ، فصار الرداء المرقط لجنود حشد الله الأوفياء، سَكنت وأطمأنت روحها وراحتها،
( أن لا تخافي ولا تحزني) هكذا النداء جاءها، منعها سقوط الاسنان من رد السلام بصوت فردتتهُ بجوارحها ، أخذت لهم تحية عسكرية كانت( سلام الله عليكم ) مفادها ، نظرت في الأفق يميناً لمعت قبةٌ ومنارتين وراية حمراء، ويساراً قبةٌ ومنارتين ورايةٌ سوداء، عقدت الرايتن و صنعت منه إزاراً حولها وسواراً بيدها، تقربت بهممن الله منزلة.
رفعت يدها للدعاء لك الحمد أن جعلتي رافضية
لك الحمد على غذاء روح المذهبية ، شكراً على هذا العطاء الذي يغيض( أحفاد بني أمية ) ويزلزل قلوب الأعداء ، فرزقها الله رزقاً حلالاً طبيباً وهو اهلاً للرجاء بعث لها وحياً وشيئاً من (خاء) إخلاص خديجة و(طاء) من طهر فاطمة و(صاد) من صبرُ زينب، و(عين) من عفة مريمٌ.
هم يعلمون انها تحمد الله كونها شيعية ، ولا يفقهون ان ليلة عاشور خيرٌ من ألف شهر، تنزل الدمعات والروح فيها، صبراً يا أماهقد جاء محرمٌ ، فهزي إليك بجذع المواكب الحسينية " وكلي واشربي وقري عينآ، رغم أنف الأعادي ما كانوا يوما انفسنا! هم لا منا ولا فينا،
سيدي أن كان لك رؤيا ومعنى الماوراء ، فقد اسعفتني من التبرير وألقاء الحجج ، وان كانت كما أظن ويظنُ الاصدقاء، اعذرني يا مولاي فليس على الكاتب حرج..