حسن الربيعي ||
مساكم الله بالخير..
تسهم التنشئة الاجتماعية في بناء شخصية الأفراد، وتنمية شعورهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم والآخرين، وتنظم الأدوار، والعلاقات وفقاً للمعايير القيمية، والأخلاقية التي يتبناها المجتمع.
وتقوم الأسرة بدور أساسي في تنشئة الأطفال، وتعليمهم اللغة، والقيم، والعادات، والتقاليد، ومواكبة اندماجهم المجتمعي، وتطورهم عبر المراحل العمرية المختلفة. وللأسرة العراقية جذور تمتد لآلاف السنين، وكان دورها مميزاً في البناء الحضاري، ولاسيما بعد انتشار الإسلام، واهتمامه بالأسرة، وتعزيز دورها الاجتماعي. وفي عصر العولمة تعرضت الأسرة لاستهداف كبير، ومستمر من أجل تقويض كيانها، وتهميش دورها، وتركّز ذلك في النمط الغربي عموماً، والأمريكي على وجه الخصوص والذي ساهم بنشر الانحرافات الأخلاقية، وإشاعة الفاحشة، ودعم زواج الشواذ (المثليين)، ونظّم لهم الاحتفالات، وشرّع القوانين، بدعوى الحرية الشخصية (الانفلاتية)، وحمايتهم من الأخطار الجسيمة، ما أدى إلى التفكك الأسري، واختلال العلاقات، والأدوار الاجتماعية، في العديد من الدول التي تأثرت بالحرب الناعمة، أو التي ارتضت أن تكون مختبراً لتجارب النمط الأمريكي، ومنها السويد التي شرعت قانوناً جديداً مثيراً للجدل ومتعلقاً بمحاربة (الحفاظ على الشرف)، ونص القانون الذي بدأ العمل به مطلع الشهر الحالي على الحبس لمدة تتراوح بين (١-٦) سنوات لمن يمنع المراهق من الدردشة، أو الذهاب إلى المقهى، أو المسبح، أو منعه من المشاركة في الأنشطة الترفيهية، أو تقييد حريته في اختيار أصدقائه، ولاسيما من الجنس الآخر، فضلاً عن إلزامه بارتداء ملابس معينة، إذا كان هذا المنع بحسبهم بدافع (الحفاظ على شرف العائلة)، ويشدد هذا القانون الجديد على إيقاع العقوبة على أي شخص يمارس الإكراه من أجل (الحفاظ على شرف شخص، أو أسرة، أو أقارب، أو أي مجموعة أخرى)، كما يجرّم القانون وجود شرط معلن، أو غير معلن بأن تكون الفتاة عذراء قبل الزواج، ويمنع كذلك ممارسة أولياء الأمور، أو الأقارب تأثيراً قسرياً على قرارات الفرد في اختيار شريك حياته. ومن خلال التجارب السابقة، وبعد تطبيق هذا النوع من القوانين، سيتم لاحقاً تدريب عدد من الناشطين لنشر التجربة في البلدان الشرقية، ولاسيما الإسلامية، ومنها العراق بطبيعة الحال. لذا نجدد دعوتنا لمنظومة الضبط الاجتماعي بمؤسساتها (الدينية، والقانونية، والعشائرية، والأسرية، والتربوية، والطليعة الشبابية) لممارسة دورها الشرعي والأخلاقي والقانوني؛ بالمحافظة على حقوق الأغلبية المسلمة في العراق، وحماية الهوية الثقافية العراقية المرتكزة على القيم الأساسية (الدينية، والعشائرية، والاجتماعية الحضرية)، ونشر الوعي المجتمعي، والتمسك بالمنظومة الأخلاقية، ومكارم الأخلاق التي حث ديننا الإسلامي الحنيف على التحلي بها، والتنزه عن الأخلاق السيئة.
وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوّم النفس بالأخلاق تسـتقم
إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتــــــــــــــــــماً وعويــــــــــــــــــــــلاً
*سلسلة نقدية