المقالات

وآتيناهُ الحُكْمَ صَبيّا..!


كوثر العزاوي ||   إنّ مَثَلَ الحديث عن الإمام المعصوم كَمَثلِ من أطالَ الوقوف على بحرٍ ، محاوِلًا الإحاطة بمداه ومبلغ عمقهِ، فما يزيده ذلك إلّا جهدًا، فلا يملك المتأمّلُ حينذاك إلّا أن ينحني لله شكرًا أنْ مَنَّ عليه بنعمة الولاية لآل محمد "عليهم السلام" فهمُ "السفن الجارية في اللجج الغامرة يأمن من ركبها ويغرق من تركها"! ومن هنا، لااريد أن أسردَ ما لايخفى على متتبّع لسيرةٍ ذاتيةٍ للنور السابع من أقمار البيت النبويّ الهاشميّ، مِن بيان النسب واللقب أو الكنية وتأريخ الولادة أونقش الخاتم المبارك وما إلى ذلك من سياقات أعمال وأحوال، بعيدًا عن الإسهاب بما حفلت به كتب السيرة لأساطين العلماء، فما خطري وما شأني بجنب ماسطّروا ويسطّرون، لكني سأكتفي بالإضاءة على جنبة وضّاءة جديرة بالتأمل والإمعان في معالم شخصيّة الإمام الجواد"عليه السلام" وعطائه الفكري الثرّ ونبوغهِ الفريد وسيرتهِ الباهرة وريادتهِ التي تفيض حكمةً ومهابةً واقتدارًا وسط أشدّ أعاصير الضغط والتحريف والتشويه والإرهاب، وفي خضمّ ذلك المعترك، تسلّمَ "الجواد عليه السلام"زمام الإمامة ولم يبلغ بعد السابعة من عمره الشريف!!! فكان هذا أسطع  ماسجلتهُ البراهين والحجج التي تدلّ على إلهيّة منصب أئمّة الهدى  "عليهم السلام" سيما صاحب الذكرى!!وسنّ السابعة عادة ما يُدرج  ضمن مرحلة الطفولة، وهو دليل آخر حتى لا يدع مجالًا للشك، كما لايدعو إلى العجب أيضا!! فقد تقلّد النبيّ عيسى بن مريم"عليه السلام" النبوّة وهو في المهد صبيّا بدليل ماأثبته القرآن والتاريخ، ليثبت بذلك صحة ما تذهب اليه الشيعة الإمامية في شأن الإمامة بأنّها منصب إلهيّ يهبهُ الله لمن يشاء اصطفاءً ممّن جمع صفات الكمال في كل عصر وزمان، ومن هذا المنطلق، تحدّى الإمام الجواد"عليه السلام" على صغر سنّه بثقة العارف بالله أكابر علماء عصره بغلبةِ حجتهِ بما أظهره الله على يديهِ من معارف وعلوم أذعن لها علماء وحكماء وحكّام عصره حتى بانت عليهم الخشية والمحاذرة من الرهان على إفحامهِ أو دحض أدلته! وإنّ الملفتَ في حياة هذا الإمام العظيم، أنه وبذلك الظفر بدأ مسيرته مبكرا، إذ رفد عصره رغم قصر عمره الشريف بما يحقق أهدافًا كبرى لم تبتعد عن نهج أبيه واجداده من تقديم أولوية رعاية الشيعة وتربيتهم وتهذيبهم علميًا وروحيًّا وسياسيًّا بما يجعلهم قادرين على الاستمرار في المسيرة ومواصلة الطريق التي عبّدها لهم أئمتهم المعصومون"عليهم السلام" ورغم قلة الناصر وعلى صغر سنّهِ الشريف أنشأ قاعدة جماهيرية أيّدت حركته وأعطت ثمارها على جميع الصعد بما في ذلك الصعيد السياسيّ، حيث أربك حضوره في الساحة الاجتماعية الإسلامية تفكير الحكّام الطغاة، مما اضطرّهم الى تدبير خطة لاغتيالهِ والقضاء على نشاطه البنّاء، لكنهم لم يفقهوا أنّ القدرة الجاذبة التي تميز بها جواد الأئمة هي ذاتِ سمات آبائه واجداده المنتجبين، ولم ترسو السفينة على ساحل أحلام الطغاة، بل تمضي في بحر آل محمد بسم الله مجريها ومرساها، وكما بدأ الله بهم، فبهم يختم، وكلهم نور واحد ذرية بعضها من بعض، وثمار سدرة المنتهى التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بأذن ربها، وفرع وجودها بقيّة الله في الأرض  قائمهم الموعود، ولولاه لساخت الارض على الفور بأهلها، ولكن شاء الله "عزوجل"بأمره وحكمته أن يغيب عن الأنظار وبقاءه خلف ستار الغيب كما الشمس خلف السحاب!! غير أن ذلك لايعني بقاء المؤمنين والمكلّفين من شيعتهم ومحبيهم في حيرة من أمرهم، كلا! بل قد نصَّب إمام زماننا "عليه السلام"قبل غيبته بإذن الله تعالى، من يرجعون إليهم في كل ما ينزل بهم من الحوادث والوقائع، وهم المراجع والفقهاء العدول وضمن شروط معينة ذكرتها الروايات عن أهل البيت "عليهم السلام"    ٢٨-ذوالقعدة ١٤٤٣هج ٢٨-٦-٢٠٢٢م
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك