مازن الولائي ||
في منطقتي التي تتواجد فيها علاقاتي، وأصدقائي، وعشيرتي وأخوتي، وتاريخ طفولتي والذكريات، ولم يخطر ببالي ولو على نحو الخيال والافتراض أنني ممكن انتقل إلى غير منطقة فضلا عن تغير المحافظة بغداد، بل هناك أكثر من فرصة للسكن في قلب بغداد أفضل من سكن الأطراف البعيدة عن المركز والتي يضيع فيها وقت كثير! كعادتي الصلاة، والصوم، والحراك الخطر منذ أيام البعث الكافر وأنا متصدي للكثير من الشؤون الثورية، لكن يبدو يد التخطيط لم تقنع بالأداء الذي اقدمه! وقررت الأقدار إجراء عملية قيصيرية لمنهج درجت عليه واعتبرته هو الطريق المختصر، مع التزامي بقتاعة يصعب تنازلي عنها، فكان قرار خطف ولدي البالغ من العمر ١١ عاما هو القرار المناسب لي، وهو الذي يحقق إزاحة قناعة كنت أعتبرها معصومة وادافع عنها بكل ضرارة! وتلك المنطقة الرخوة في احاسيسي هي المقتل، حيث تعلقي باولادي لا يتقدم عليه شيء وفي وفرة من الأمن والسلامة انزف عليهم من حناني وخوفي، فكيف لو تعرض لهم أو لأحدهم مكروه؟!
في تلك الليلة ٢٠١١/٩/٩ الساعة العاشرة إلا ربع ليلا فقدت ولدي صادق أنه غير موجود بالبيت على غير العادة، حيث لا أتركهم لبعد صلاة المغرب، لكنها الغفلة والأشغال بضيوف عندي لا أدري أن كان وجودهم صدفة أم أرسلوا اصلا لأشغالي حتى تتم العملية!!!
فُقد الولد، وهنا سقط وجه كل القناعات، وتبعثر كل شيء كنت اعتبره رصيد معرفي اتكأ عليه، لحظة لبس بها الليل جبال من حديد، وهربت تلك الصلافة والتظاهر بالقوة والثورية، لتأتي بدلا عنها مشاعر ثكلى لا تقف معها العبرات والدموع والصوت الذي هرب من حزنه الجيران وأنا اجوب باب البيت مناديا ولد انتظر جسده المقطع أو المشنوق، لحظات لم تكن من عالم الدنيا، وهي مصنع أرسل إلى روحي يطهرها من رجس قناعات لا وصال أو وصول معها، إلى أخرى كشفت امامي من خلال حوارات أهلي والأصدقاء ممكن كان يطلب مني أن أعتبره دهسته سيارة أو صعق بالكهرباء! رحلة ثلاثة أيام كانت في وجهها المادي أقبح ما رأيته عياني، وبئر يوسف الذي قتل إخوته به! ومن ذاك الوجه البعيد هو تغيير بوصلة تفكري، واللجوء إلى تفكير الهرب إلى منطقة ومحافظة أوكلت انتخابتها لي مسبحتي التي كانت نعم رفيق لروحي اليائسة ممن حولها من ضجيج لا يحسن التفكير في مثل حالتي وظرفي الاستثنائي!
فقررت أن تختار لي مكان على طريق الزائرين، الوجه الآخر لفلسفة الوجود والحياة النابضة بالشعور، وهناك تم بناء الذات على نمط إرادته يد اللطف والعناية، كان سببه بئر يوسف ووجهه الظاهري، ووجهه الآخر ما أخذ بيد يوسف إلى سلم العلى والمجد، فتهشمت تلك القناعات واستبدلت بصفة واحدة، وحلم واحد لازالت ابحث عنه ومحاولة تطبيقه ولبس رتبته "خام الحسين" كل عام انتظر ترقية منه في وقت معلوم إسمه الاربعينة مشفى مشلولي القناعات وصوري العبادة والقشور..
"البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه"
مقال آخر دمتم بنصر ..