المقالات

مصاديق التولّي في عصرنا الحالي..


كوثر العزاوي ||   كلّ مكلف مؤمن لابد ان يعرف مِن الدين أصوله وفروعه ولابد من التعبّد لله "سبحانه وتعالى" طاعة وتقربًا في كل اصل وفرع، وليس ذلك من الاجتهاد إنما هو مبدأ قرآنيّ أكدت عليه الآيات القرآنية، ومن بين هذا، مبدأ {التولّي والتبري} وهو المبدأ الذي يميّز اتباع آل محمد عن غيرهم، إذ أكّده النص القرآني في قوله تعالى من سورة المائدة الآية ٥٥:  (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وفي ذات الوقت هناك آيات تدعو الى البراءة من أعداء الله،كما جاء في صريح قوله تعالى في سورة المجادلة:الآية٢٢ {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}  وثمة مورد آخر عن طريق العترة المطهرة يؤكد هذا المفهوم ببُعدِه العقائدي أيضا، وقد جاء على لسان المعصوم في الزيارة الجامعة: {بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا واصلح ما فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة، وعظُمَت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تُقبل الطاعة المفترضة}.. ومن هذا المنطلق الذي لاجدال فيه وبعد التأمل، قد اتّضح لنا مدى اهمية الموالاة والتبرّي، سيما ونحن على مشارف الظهور المقدس،  نستطيع تعيين المصاديق التي تُبرِئ ذمّتنا في هذا التكليف الشرعي. والجدير بالذكر، أن للولاية أو التولّي مقومات، كما للتبرّي أو البراءة مقومات، فمن مقومات الولاية مثلا: المحبة، اعتماد موقف معين، النصرة والدفاع، الدعم والتأييد، أمّا البراءة من أعداء الله، فهو عكس منهج التولي أو الولاية، منها مثلا: البغض، اعتماد موقف الضد، الوقوف بوجه اعداء الله تعالى، ترك منهجهم، عدم تأييدهم، نبذ ثقافتهم، وغير ذلك مما يصدُق عليه المفهوم حقّا، ولاشك أن كل انسان يتبع منهج التطبيق وليس مجرد لقلقة لسان، يتمنى ان يصل الى تحقيق هذه العناصر الاساسية في اعماله، ولكن: أي الوسائل هي التي توصلنا الى الولاية التي جسّدها انصار الامام الحسين"عليه السلام"والموالاة الحقيقية التي تجلّت في صحابة أمير المؤمنين "عليه السلام" هنا وقفة تأمّل!! نحتاج أولًا: لمعرفة الوسائل والآليات، كما نحتاج الى الوعي والبصيرة التي بها نميز ونختار، نحتاج فهم معنى الولاية لله تعالى وأوليائِه، فمَن يظن ان مسألة التولّي هي المحبة لله "سبحانه وتعالى" ولرسوله وآله "عليهم السلام" فقط،  فهذا بلا شك تصور خاطئ،! والأصحّ هو ماذكرنا من مقومات للمفهومَيْن المتضادَين ولاثالث لهما، إضافة الى قوة الانتماء وقوة الايمان بالنسبة للولاية، للحدّ الذي لايؤثر معه زعزعة، ففي بعض الاحيان تجد انسانًا يفهمُ ويعي المعنى وليس لديه قوة ايمان وقوة انتماء لهذا المبدأ!! وبالتالي يبقى الفهم مفتقِرًا إلى تعبير وتصديق بالسلوك العملي قولًا وفعلًا..وليس هناك مصداقًا في عصرنا الحالي أبرز من حضور دولة إيران الإسلام التي تمثل المصداق الواقعي للتشيّع الحقيقي بين الدول الإسلامية والعربية، وعلى كل مسلم يوالي آل محمد "عليهم السلام" أن يوجّه بوصلة معرفة تكليفه من حيث التولي والتبري ليجسّد ذلك المفهوم الخطر بعد أن انقسم العالم اليوم إلى معسكرين لا ثالث لهما: معسكر الحق الذي تمثله دول محاور التمهيد في العراق وايران ولبنان واليمن والحجاز وفلسطين وسوريا، ولكننا نجد في كل معسكر جبهة محدّدة تمثل الحق، إلا الجمهورية الإسلامية فهي جبهة واحدة شعبًا وجيشًا وقيادة وحوزة!!، وماشذّ عن ذلك فهو النزر القليل الذي لايشكل رقما في دولة الفقيه دولة التمهيد. ومقابل ذلك فقد نجد كل دول العالم على مستوى قيادات وحكومات واغلبية شعوبها وليس الكل فهم في معسكر الباطل الذي يمثل العداء للإسلام والتشيع إمّا عاملًا وإمّا راضيًا داعما، والأنكى من ذلك أنهم بالضد تماما، وقد تحالفوا بشدِّ أزر بعضهم بعضًا لضرب الحق ومواقعه، فما بال شعوب محاور الحق الممهّدة نراها تتكلف مبدأ التولّي والولاية بشكل منقوص وهي من تصدح بشعار ترنيمة زيارة عاشوراء التي يردد الموالي قول المعصوم: { اسأل الله الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة اوليائكم، ورزقني البراءة من اعدائكم...} أيها الموالي ضع خطًّا تحت كلمة" معرفتكم ومعرفة اوليائكم" إذن أولياء الله هم محمد وآل محمد "عليهم السلام" دعونا اذًا نتأمل من هم أولياء الأولياء؟!! ومن هنا لابد من تشخّيص التشيّع الصادق والموالاة الصادقة، وقد نبّهوا أئمتنا جميعا، الى انّ التولّي ليس هذا الذي ندّعيه بل الذي يكون فيه هذه المعاني التي اساسها المحبة، وترجمة المحبة الى موقف، والنصرة والدفاع عن مبادئ الامام الحسين {عليه السلام} في اي بقعة من بقاع الأرض، ثم الاتباع لنهجهم بطاعة الله تعالى والابتعاد عن معاصيه وتحقيق مايأملون من شيعتهم، فإن جمعنا كل هذه المقومات ستصبح الموالاة مصداقًا حقيقيا.   ٢-ذو الحجة ١٤٤٣هج ٢-٧-٢٠٢٢م
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك