إيفان العودة ||
ثورة الإمام الحُسين بن علي أبن أبي طالب(عليهم الصَلاة والسّلام) خالدة في ضمائر الشرفاء، وعندما حصلت هذهِ الثورة كانت أسبابها ونتائجها إلٰهية سماوية؛ ولا تتعلق بقوانين دنيوية أرضية
عندما خرج الإمام الحُسين(عليهِ الصَلاة والسّلام) من المدينة قاصدًا كربلاء يعلم ماهو سّر العِشق الذي أتىٰ به وبآلِ بيته الكرام إلى هذهِ البقعة العظيمة بمضمونها؛ أختار الشّهادة في سبيل اللَّهِ أولًا وفي سبيل الحفاظ علىٰ نهج ودين جدهِ مُحمّد(صَلىٰ اللّٰه عَليهِ وآلهِ وسلّم) وما أجمل الذوبان في عَشِقَ طريق جدهِ مُحمّد خاتم الأنبياء والمُرسّلين؛ وأوضح مفهوم عشقهِ حينما كتبَ إلى أخيهِ مُحمّد بن الحنفية فقال: "أمّا بعد، فإنّ مَن لحقَ بي أستُشهد، ومَن لم يلحق بي لم يُدرك الفتح، والسلام"
فهذا دليلٌ على مفردة العِشق الإلهي وأنَّ من لم يسير معهُ لم يبلغ مفهومية الخلود الأبديّ.
كل فردٌ كان متواجدٌ في كَربلاء هو وحدهُ درسٌ، فأصغر فرد فيهم هو عبداللّٰه الرضيع لكن ثقافة التضحية عند هذا الطفل حيرت عقول العشّاق؛ أيِّ عشقٌ هذا يا مولاي فنحن كُنّا مغفلين و لا نبصر ما معنىٰ العِشق والفداء في سبيل المَعشوق حتى أتت ألينا كربلاء وأكرمتنا بعطاياها اللامتناهية؛ أطفالنا عشقوا عبداللّٰه الرضيع وساروا علىٰ عشقه، تبلورت في دواخلهم ثقافة مفهومية العِشق الحُسينيّ وأظهروها للجميع بروحية تامة.
كل عام ونحنُ نرى المتخلفين عنّا دينًا ومضمونًا يأتونَ بأساليب لا فائدة منها، بل وحتىٰ الذينَ منّا ولكنهم متلونين يشاركون من هم دوننا وهذا ليسَ بغريب!
ما أن تأتي نسائم شهر مُحّرم الحرام إلا ورأينا الكثير من المغرضين يرفعونَ شعارات وهاشتاگات تملأ مواقع التواصل الإجتماعي للإنتقاص من قيمة و روحية هذهِ الثورة العظيمة، ويقفون بالضد ممن يقوم بإحياء هذهِ الثورة وشعائرها المباركة، القبول بالظلم هو ظليمة كُبرىٰ وأبى الإمام الحُسين(عليهِ الصَلاة والسّلام) أنَّ يبقى الظلم سائدًا و هو على قيد الحياة، فأختار الإنتفاض ضد الظلم وأختار الشّهادة العُظمىٰ ليُعطي دروسًا فذة مفهومها أعمق من كل شيء وأنَّ ثورتهِ ليسَت من أجل السلطة والجاه كما يزعم الأدعياء الباطلون؛ بل هي ثورة ضد البُغاة الظالمون المُتسيدون في الحكم والذين يعطون قوانين وأحكام مُسيئة بحق البشرية، ولا زالت هذهِ النماذج موجودة إلى يومنا هذا ويريدون بأحكامهم اللاشرعية القضاء علىٰ نهج كربلاء، ولكن يأبىٰ اللَّهُ ذلك فما زالت شعائر كربلاء دائمة كدوام الليل والنهار وما زال العِشاق يتوافدونَ من كُل فجٍ عميق لإحياء هذهِ الشعائر بل هم علىٰ أحرِ من الجمر ينتظرون قدوم نسائم العِشق والفداء بل يتنفسونها بروحية الدماء في سواتر العزة والإباء.
أهدت ألينا هذهِ الثورة مصاديق كثيرة تضمنتها واقعة كربلاء وأرسخت عقولنا بالعشقِ الملكوتي، ثقافة ثورة الإمام الحُسين(عليهِ الصَلاة والسّلام) نوعية لا مثيل لها في كل الثقافات العالمية الأخرىٰ، علمتنا كيف نعشق ونضحي، علمتنا كيف يكون الصبرِ على دروس الحياة القاسية، علمتنا العطاء والفداء في سبيل اللَّه المَعشوق الدائم؛ورأينا ذلك في نسائم روحية الحشّد الشّعبي المقدس وعوائل الشُّهداء والجرحى وهم يترنمون بلذة العِشق الحُسينيّ ويرتلون لحن عشقهم بدمائهم الطاهرة للوصول إلى مُبتغاهُم ويبقىٰ شعارهم الدائم حرارة في قلوبهم إلاّ وهو(كُل أرضٍ كربلاء وكُل يومٍ عاشوراء).
https://telegram.me/buratha