كوثر العزاوي ||
نظراتها ودمع عينيها كانت شواهدُ حالها، لم أسألها..لأنّ العيون على القلوب شواهد فحبيبُها لكَ بيّنٌ وبغيضها..ورغم روعة المشهد الذي حلَلْنا فيه ومافيه من النفحات وأسم المهدي مدوّيًا بلحنٍ الملكوت، إلّا أنني خمّنتُ انها تعيش الغربة! غربة المبادئ، ووحشة القيم، ككلّ حرّة لاتجيد التملّق في مجتمع يجذبهُ هشاشة المظهر وخفّة الروح ولطافة القول وذلاقة اللسان، ومَن يعتمد الأنبهار بغير مفاخرِ حيّهِ لمجرد البريق!، ترى مالذي جاء بك يا.....}
دنوتُ منها ببشْرِ العارِف بحالها، وكذا ابتَسَمت هي أيضا، ابتسامة المُدقعِ للعزاء! وشيئًا فشيئًا، دنوت منها، سلّمتُ عليها، ردّت السلام وأخذَت يَدِي بكلتَي يَديها وشدّت عليهما. وبدوري بادلتها القبض بلطفِ، إيذانًا بتوافق الإحساس والارتياح لبعضنا، وبلا مقدمة قالت: هل تقبليني صديقة؟ أجبتها: بالتأكيد بكل سرور وآمل أن أروقَ لكِ، ابتسمت وكلها سكينة وهي تقول: سوف لم تروقي لي وحسب، إنما كلّي حاجة لكِ ثم أردفت: وأنا أحدّقُ فيك كأنّي وجدتُ فيك نفسي التي أضعتها منذ أعوام ثلاث، أو كأني عثرت على ماينقصني، وها أنا ألتمس فضلك بمنحي وقتا لأكون معك في إحدى زوايا الكرنفال قبل بداية ترنيمة العشق ، قلت لها: لاضير وليس ثمة مايمنع، وماأجملها من وقفة ودٍّ في دوحة كرنفال الشوق وكلانا يرسل عبر الاثير زفرة ودمعة!..
وفي غمرة تبادل الودّ، أحسست بتسارع نبض قلبي متجاهلة ما خالجني من غمّ وأنا أرى قطعة مني بعد هجرٍ من الزمن، تعسّفًا صدر منها بحقي لا لسبب سوى سوء الفهم الذي جعلها تتسرع في اتخاذ قرار هجراني والنأي بكل جميل وبرّ ومعروف وو..، ولكني سرعان ما قطعتُ تأمّلي، ولأني لم أرغب في إفساد رونق الحضور فقلت ملاطفة: دعينا نبرح المجاملات فالوقت يمر مرّ السحاب، ولننتهز الفرصة لنتعرف على بعضنا من جديد، هاتي ماعندك وكلي آذان صاغية وقلبٌ يتّسع، أطرقت برأسها هنيهة ثم قالت: أظنكِ تعرفينني حقّ المعرفة ولكنّك تجاهلتِني، أليس كذلك؟ ابتسمتُ وأطرقتُ برأسي، ولكن الفرق بين الإطراقتين، انني شعرت برغبة في البكاء لحظةَ مرور شريط ذكرى مابيننا من حبّ وعلاقة إلهية إيمانية لايليق بها إلا الثبات والدوام، وبعد تنهيدة بالكاد أدفعها مع زَفرة حرّى قلت: نعم أختاه! اتذكّر يوم جمعني القدر بك وأيّة وُصلةٍ تلك التي جمعتنا وأيّة مناسبة قد وحّدَت مشاعر التوافق بيننا، نعم.. فوالله! إنها يد الغيب تلك القوة الخفية! ولم يكن دخل لنباهةٍ أو فطنةٍ منّا، وعلى حبّ وليّ الأمر التقينا ولذات السبب افترقنا وها هو قطار القدر يصل بنا لساحة نورانية تغدق علينا من حناجر رياحين المهديّ فتغمرنا نفحات عاطرة تنساب على أرواحنا المنهكة كعبير الشذى النديّ لنرسل بأصواتنا الهَرِمة مع هديل براعمنا لتمضي مع العهد آهاتنا إلى مهديّنا الأمل عبر أثير الشوق، فهيا بنا ندَعُ العتاب، ولنحلّق معا، وعلى حبّ إمامنا الموعود ، نعيد ترتيب ذواتنا مع..
{سلام فرمنده..سلام يامهدي..إنّا على العهد}فكما أعادت لنا الأمل والبسمة، أعادت لنا بعض الأحبة،
فأخذتُ بيدها وضممتها قائلة:
هكذا الاقدار تلعب دورها الحنون! وفي رواق الحجة بدأنا وفي كرنفال الشوق بعد هجر لبعضنا عدنا، فيالسرّكِ العميق ولغزكِ الخارق انشودة الزمان{ سلام فرمنده}
٣-ذوالحجة١٤٤٣هج
٣-٧-٢٠٢٢م