محمد مكي ال عيسى ||
إن أي واحد منّا لم يخلقه الله إنسانًا وإنما خلقه ليصبح إنسانًا فخلق له جسمًا يناسب الإنسان وفطرة تناسب نوعه وعقلًا يميّز به الكثير من الأمور ونهج له شرائع يسير بموجبها فيسلك طريقًا تكامليًا ليرتقي الى سعادته وليكون إنسانًا بالفعل بعد أن كان إنسانًا بالقوة
وإن استحقاق الانسان للجنّة لذلك العالم العالي لن يثبت الا اذا سعى له الإنسان وفق المعايير الإلهية للإنسانية والّتي بينها الأنبياء و أوصياؤهم ع
ولم يكن التخطيط الإلهي لهذا الكائن أن يكون غير الإنسان ،كأن يكون حيوانًا مثلًا ،فإذا خالف الإنسان المسير وأراد أن يكون حيوانًا مثلًا فلن يتمكن من ذلك لأنه غير مجهّز بما احتاجه الحيوان ليكون حيواناً !!
نعم إن خلقة الإنسان لا تسمح له الّا أن يكون إنسانًا وإذا أراد غير ذلك فلن يفلح .. فليس للإنسان مخالب وأنياب للافتراس وليس له نظر حاد أو سرعة في الحركة ليتمكن من النجاة من الضرر … لا يغطي جسمه الصوف أو الريش أو الوبر ليحميه من الظروف
فإذا أراد أن يكون حيوانًا كان بمستوى أدنى من الحيوانات حيث لم يُجهّز بما يؤهله ليكون حيوانًا لذا نجد البارئ عز وجل يعبّر عنهم في قرآنه الحكيم إن هم كالأنعام بل هم أضل .. أضل من الأنعام بمعنى أنهم لا يهتدون الى السير على طريقة الحيوان ونهجه فالحيوان سيتفوق عليهم بذلك بما مكّنه الله تعالى وجهّزه به.
لذا فإن دعاوى الانحراف والشذوذ التي تنعق بها قوى الشرّ العالميّة هي دعاوى للحط من الإنسان ليترك السير على النهج القويم الذي يتكامل فعلًا من خلاله ويحقق انسانيته ويلتزم طريقًا آخر لم يُخلق له ليكون أضل من الحيوانات بسعيه هذا ..
إن تزويق هذه الدعاوى من أنها داعية للحرية قد ينطلي على كثير من البسطاء والسذّج والواقع يحدّثنا بأن الإنسان مقيّد بخلقةٍ لو غيّرها حكم على نفسه بالفناء ..
لن يستطيع انسان العيش بشكل اعتيادي من غير قلب أو كبد أو كليتين .. لا يمكنه أن يغيّر خلقته ويعيش سويًا.. كذلك لا يمكنه التمرد على قوانين الخلقة الإلهية .. وإذا فعل فقد ظلم نفسه وحكم عليها بالهلاك
ولآمرنهم فليغيرن خلق الله .. هذا قول الشيطان
ومن جهة أخرى فقد خلق الله الانسان ليميل بطبعه وبخلقته للجنس المغاير ليستمر التناسل والتكاثر ولتبقى البشرية أما دعوى الشذوذ والمثلية فإنها توقف التناسل والتكاثر لتبيد البشرية . .
عندما وجد الاطباء لقاحاً للوباء الفتاك تعالت اصوات كثيرة من أن هذا اللقاح والتطعيم قاتل وإن لم يقتل فسيسبب العقم من غير دليل لهم على ذلك..!!
يفترض السوم أن تتعالى أكثر من تلك الأصوات لتعارض الانحراف والشذوذ لأنه قاتل مبيد للبشرية بالدليل الواقعي ، فنظريات البعض الّتي تقول أن الأرض لا تتسع للبشرية كلها ولابد من أن يقل عدد البشر لتكفيهم الموارد الطبيعية هؤلاء لا يحتاجون في تطبيق نظرياتهم قنبلة نووية ولا يحتاجون وباءً يبيد البشر إنهم لا يحتاجون سوى لمن يندفع مروّجاً وعاملًا بالشذوذ ليحقق لهم ما يذهبون اليه ..
فهذا الشذوذ والانحراف ناقل لأسوأ الأمراض من جهة .. مدمّر للشخصية واستقرارها من جهة أخرى مانع لتكامل الانسان ، حائل دون استمرار تناسل البشرية محقق لأهداف شيطانيّة على كل عاقل لبيب أن يقف بوجهها ليؤدي تكليفه ويبرئ ذمته أمام الله … وتبقى السنّة الإلهية في الأرض فأمّا الزبد فيذهب جفاءً وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض