محمد مكي آل عيسى ||
بعد أن بدأ إستعمال الشبكة العنكبوتية أو الإنترنت وما توفره من المعلومات الّتي تغني الباحث وترفده باحتياجه راجت عبارات الانفتاح والتواصل وأن العالم أصبح غرفة صغيرة وأن الفرد المستخدم للفضاء المجازي أصبح منفتحاً مطلعاً على عوالم غير عالمه وانتشرت تطبيقات التواصل الاجتماعي التي أدخلتنا الى مجاميع وقنواة وصفحات يصعب حصرها ..
إنه الإنفتاح على العالم ..
انفتاح على العلم على التطور على ثقافات مختلفة على آراء متغايرة ...
لكن الأمر لم يبق على ما هو عليه من هذا الانفتاح، فمن جهة نشطت جميع القوى والتيارات المختلفة لتستثمر هذا الفضاء المجازي الفعال لتحقيق أهدافها سواء كانت سياسية أو دينية أو عرقية أو طائفية أو اقتصادية وحتى إرهابية وبدأت هذه القوى بضخ فكرها وثقافاتها لكسب أفراد جدد بعد ان حصل الانفتاح على العالم أجمع.
والمعروف من طبيعة هذه القوى والتيارات على أختلافها أنها ترفض الآخر ترفض الفكر المغاير ولو بنسبة ضئيلة وبالتالي أنها تسعى لغلق الفرد المنتمي لها المتأثر بفكرها ليكون حكراً لها ، فالمستخدم للانترنت انما يتعرض لعواصف شديدة من الثقافات الغالقة لفكره الراغبة لأن يكون لها لا لغيرها .
من جهة أخرى فإن الفرد المستخدم للانترنت اصبح انتقائياً لما يعرض عليه فلا يختار الا ما يوافق هواه وما يرغب ..
فينتقي من المجموعات والقنوات والصفحات ما يوافق فكره ويرفض غيرها .. فينغلق بذلك على ما يرغب ويتنكر لغيره واصبحت إمكانية ( الحظر - البلوك ) خياراً رائجاً يسهل استخدامه مع كل المغايرين بالرأي ودعمت الانغلاق بأن يحظر المستخدم كل ما لا يرغب به ويبقى منفتحاً على ما يحب وذلك انغلاق بالفعل .
فالانفتاح هو ليس انفتاح الانسان على ما يحب ويرغب أو على ما يعرف وانما الانفتاح هو على فكر مغاير مخالف الانفتاح هو على ما لايرغب مطلعا تارة ومناقشاً تارة ومصححا تارة أخرى الانفتاح هو على ما يجهل على ما لا يعرف كي يعرف
ومن هنا كان على المدرسة الفكرية الرصينة الحقّة أن تدخل هذا العالم بكل ثقلها لا لتغلق المستخدم للانترنت عليها وانما لتزوده بما يحتاجه من أسس الفكر الرصين ليميز الحق من الباطل فيتبنى الحق اينما وجده ويكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
بالأمس القريب كان العلماء الصالحون يحرمون قراءة كتب الضلال خوفا على عامة الناس من الضلال ، فيبتعد الناس عن تلك الكتب ولا يشترونها ويكونون بمنأى عنها ولا يستطيع صاحب الفكر المنحرف ان يوصل فكره .. واليوم الضلال يدخل لكل فرد بشكل خاص وبطريقة يحبها ولا ينكرها بذريعة الانفتاح وبكل سهولة.
فتكون بذلك مسؤولية أصحاب الحق في الدفاع عنه أكبر ليكون لهم دور يختلف عن غيرهم من القوى والتيارات فأصحاب الحق لا يغلقون الفرد انما يتركوه منفتحاً على كل مايعرض عليه لكن مفاتيح التمييز تبقى بيده هو ليعرف ما يقبل وما ينكر ويخرجون الفرد من الانغلاق الذي تمليه عليه نفسه ورغباتها والذي يمليه عليه الآخرون.
https://telegram.me/buratha