انتصار حميد||
للشوق على الانسان سطوة, إلى حين لقاء المحبوب, تتراقص نبضات القلب على أوتار الحنين, لا القلم يستطيع أن يكتبُها, ولا اللسان يستطيع أن يصفُها, ربما يعجز الانسان عن اللقاء, والعيون عن الرؤيا, ولكن الأرواح تبقى متعلقة في عالم الشوق لمحبوبها, تستهوي العناق, كما تعانق الوردة عطرها, فتصبح الدموع امطار في زمن الغيبة, حتى تزهر بساتين الاشتياق.
فالحنين إلى إمامنا صاحب الزمان (عج), يجعلنا نتقدم نحو القمم المضيئة, وتبقى قواربنا صامدة بين أمواج السنين, ففيه خلاصنا؛ لنهتدي به جادة الحق والصواب, ونصبح في مأمن من صحراء التيه والضياع.
فهل يجب أن يكون هذا الحنين مقترناً ببصيرة إيمانية؟ أن الاهتمام بتزكية النفس, والسمو بها إلى مرحلة الاصلاح, والابتعاد عن الاهتمام بالحجب المادية, التي سرعان ما تبلى وتنفى جانباً, من شأنه أن يبرمج الحياة بمختلف جوانبها وسلوكياتها على أساس العقيدة بالامام (عج), وعلى أساس قبوله أو رفضه لما نقوم به في هذه الحياة, فهذه العقيدة هي التي تعطي الامل والحيوية للإنسان؛ لأن هناك قانون أو سنة الهية تتمثل في أن الذي يكون مظلوماً, أو الذي يكون مع الحق فإن الله ناصره, وهذه السنة تتحقق في أجلى صورها بالإمام الحجة (عج).
وها نحن نعيش واقعاً مليء بفتن لا يعلمها إلا الله, فتن قتل وهرج, فتن الفضائيات وإعلام مضلل, فتن الاشاعات, كلٌ يكتب ويتكلم وينشر ما يريد دون وازع من ضمير يردعه, إلا من كانت لدية تلك البصيرة الايمانية الراسخة التي أشرنا لها مسبقاً, وكان ارتباطه بالامام (عليه السلام) ارتباطاً وثيقاً نزيهاً, ويتجلى ذلك الارتباط في الأخذ والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي أخذاً صحيحاً, وهذا ما بينه اهل البيت(صلوات الله عليهم) في سبل النجاة من علل آخر الزمان, ومطباته وفتنته. وهذه الفتن ما هي إلا غربلة للموالين الصادقين في إيمانهم, ففي قوله تعالى: [الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين]. [العنكبوت: 1-3].
وعليه يجب على المؤمنين التسلح بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى وطلب النجاة, وعليهم أن يبقوا على ايمانهم بمعتقدهم ولا يتزعزعوا, فقد روي عن زرارة عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: "يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم, فقلت له: ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال عليه السلام: يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم".
فما هو الأمر الذي نتمسك به في ضل عواصف الفتن؟ هو الأمر الذي أسس أساسه الانبياء عليهم السلام, وخط نهجه الأئمة صلوات الله عليهم, وهو أمر السفارة والنيابة العامة والمرجعية الدينية, التي سار عليها السابقين من علمائنا الأعلام منذ بدء الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا.
إلى مولاي صاحب الزمان عج وبي شوقٌ إليك أعل قلبي.... وما لي غير قُربك من طبيبٌ
https://telegram.me/buratha