عماد الاسدي
إعلم انك لما تريد أن تزور هذه الاجساد الطاهرة فإنك لا تزور جسداً بالياً لم يعد له اثر في هذه الدنيا ، بل هذا من الخطأ الجسيم لدى البعض حينما يعتقد ذلك ، بل ان هؤلاء ضحوا بأنفسهم واهلهم واموالهم في سبيل الله تعالى فكانوا الشهداء الذين ذكرتهم الاية الكريمة { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } فهم احياء بأرواحهم فيسمعون كلامك ويردون عليك الجواب .
أن وقوفك امام اضرحتهم المطهرة ، هو تعبير صادق عن الولاء الممتد بينك وبينهم فإنك بتحملك المشاق والصعوبات التي تواجهها إن هي الا تجديد للعهد الذي قطعته على نفسك أن تسير بسيرتهم وتنهج بنهجهم.
كذلك إن مواصلتك لهم أنما هي من الآمور المحببة التي حث القرأن الكريم عليها وذلك بقوله تعالى { والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب }
كما ان اتخاذك هذا السبيل هو تعبير عن عدم غفلتك وخصوصا في فاجعة كربلاء تلك الفاجعة المؤلة التي حاول أعداء أهل البيت عليهم السلام أن يجعلوها حادثة تأريخية كبقية الايام وهي تمر مر السحاب كي تتخذ طريقها الى النسيان .
بالاضافة الى ان البركة التي التمسها محبو أهل البيت من جراء مواصلة الزيارة فقد سأل الحلبي الإمام الصادق عليه السلام (( جعلت فداك ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك ؟ قال : اقول أنه عقّ رسول الله صلى الله عليه واله وعقنا واستخف بأمرِ هو له ، ومن زاره كان الله له من وراء حوائجه وكفى ما أهمه من أمر دنياه وأنه ليجلب الرزق على العبد ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له الذنوب خمسين سنة ويرجع إلى أهله وما عليه وزراً ولا خطيئة الا وقد محيت من صفحته ))
الخلاصة هي : إنّ زيارة قبور الأبطال ومراقد العظماء وأضرحة الشهداء سيرة عقلائيّة وسنة إنسانية ، لا تخصّ قوماً أو اُمّة أو طائفة ، فلماذا يُلام الشيعة أو ينتقدون إذا زاروا مرقد الإمام الحسين (عليه السّلام) بكربلاء و هو سيّد الشهداء الأحرار ، وقدوة القادة الأبطال ، والمثل الأعلى لرجال الإصلاح والفداء في العالم ، الذي أنقذ اُمّته من خطر المحو والزوال ، و دفع بها نحو الأمام والسير على الطريق المستقيم بعد أن كلّفه ذلك جميع ما ملك في هذه الحياة .
ففي زيارة قبر الحسين (عليه السّلام) من المكاسب الروحيّة والفوائد الفكريّة والأخلاقيّة ما ليس مثلها في زيارة أيّ مرقد و ضريح آخر ؛ ولذا قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : (( مَنْ زار الحسين (عليه السّلام) عارفاً بحقّه فكأنّما زار الله في عرشه )) . وفي حديث آخر عنه (عليه السّلام) قال : (( زيارة الحسين (عليه السّلام) فرض على كلّ مَنْ يؤمن للحسين (عليه السّلام) بالولاية )) .
ألا ترى الشعوب غير المسلمة تنحت الصور ، وتقيم التماثيل لرجالها المصلحين في الساحات العامّة والمواقع الحساسة من مدنها ؟ لماذا يصنعون ذلك ؟ لا شك أنّك تعرف أنّهم يفعلون ذلك تكريماً لذكراهم ، و شكراً لتضحياتهم ، وتلقيناً لسيرتهم و عملهم إلى الشباب الحاضر والأجيال القادمة .