كوثر العزاوي ||
قال تعالى: موجّهًا خطابَهُ الى النبيّ موسى وأخيه"عليهما السلام" بقوله:
{اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}طه ٤٣-٤٤
عملية التواصل في المجتمع مهارة لها نظرياتها ومبادؤها، لابد من إتقان هذه المباديء لكي تنجح في علاقاتك مع الآخرين وإيصال فكرك ورسائلك إلى المجتمع، طبعًا إذا كان الدافع للحركة هو نشر المعرفة، وتعزيز العلاقة مع الله انسجامًا مع فطرة الإنسان النقية، وليس من أجل الانتصار للرأي وإلحاق الهزيمة بالآخر ولوضعفَ الأمل في هدايته!
نعم! ماجاء في قول الباري عزوجل، هو حديث موجّه لطاغيةٍ لم يعرف التاريخ له مثيلًا، لكنها أيضًا رسالة تهذيبية من قِبل ربّ الناس الذي من جملة اهداف آياته: إحياءَ النفس واستثارة بُعدُ الخير واستخراج مكامن الإمتثال والطاعة التي أودَعها الله "سبحانه وتعالى" في عباده بلا استثناء.
وينبغي للعباد أن يفقهوا رسائل الله إليهم من خلال تربيتهِ لأنبيائهِ ورسله عبر تربيتهم لمجتمعاتهم! وما أروع تعبير الله في{ وقولا له قولًا ليّنا..}
مايعني: أن الأمل في إحياء النفس محرّك أساسي في عمل الإنسان الرسالي، والقول اللّين هو أداة فاعلة في تغيير مسار غير صحيح في اي مورد من النفس! فإذا كان هذا الأمر مطلوبًا وهادفًا مع فرعون الذي هو أكبر طاغية مستكبِر لايُتَوقّع منه الخضوع لله تعالى فضلًا عن المخلوق، فما بالُك بعامّة الناس ومَن لنا معهم مشتركات عدّة، وقد تجمعنا بهم وشائج اجتماعية ونفسية وثقافية واعتقادية وجغرافية؟!!
إذن: علينا أن نراجع أنفسنا في كيفية التعامل مع الآخرين، فنحن قد نُفسِد الرسالة الطاهرة بأسلوبنا السيء ومواجهتنا للاحداث، ومقابلة أخلاق الاخرين معنا بما لا يعمّق الفجوة ويحقق النفور بسبب الغلظة ومقابلة الخطأ بالخطأ، فإذا كانت المودة حقيقة قائمة في علاقاتك على الصدق والإخلاص وسعة الأفق ومراعاة الأضعف فالأضعف، فدوامها بالرفق بهم، وتحمّل انفعلاتهم، خصوصا عندما تكون انت الراعي ومَن يملك العصمة والزمام، يقول أمير المؤمنين"عليه السلام":
{ومَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُه، يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِه الْمَوَدَّةَ}
فمن أسرع طرق الوصول لقلوب الآخرين هو الليّن من القول، والطيّب من الحديث، والأيثار والرحمة،{وهدوا إلى الطيب من القول} لاخشونة ولاتنكيل، سيما في مورد الرد، وهذا هو الأسلوب الحكيم الذي ينتظره الجاهل من العالم والصغير من الكبير والمرأة من الرجل والضعيف من القوي جمال المداراة ومراعاة الضعف والحاجة {وقولوا للناس حسنا} وتلك عبادة ثمرتها تهذيب النفس وتقويم عوج الطباع.
١٣-ذوالحجة١٤٤٣هج
١٣-٧-٢٠٢٢م