كوثر العزاوي
حينما لا يُقرّ الإنسان بلسانه بما يُقرّ به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديت إليه سواء من الله أو من المخلوقين فهو منكر للجميل جاحد للنعم، فكيف بمن انكر المعروف قلبًا ولسانًا!!
ونحن عندما نمر بملفات أهل البيت "عليهم السلام" وسيرتهم باعتبار انتمائنا لهم، فكم نرى أخلاقهم وحياتهم حافلة بالوفاء والإحسان وردّ الجميل حتى لمن عاداهم ولكل من آذاهم، ومااكثر الشواهد على ذلك لمن أراد الحق والأعتبار.! وعكس ذلك أعداء أهل البيت والمخالفين لهم، فقد نلاحظ أنّ اكثر ما تتميز سلوكياتهم بالغدر والنكران وتجاهل المعروف وطعن ذوي البر والمعروف! هذا على صعيد العوام من الناس أو القرابة والصداقة ومَن لهم الحظوة، فما بالك بمن يهب نفسه وشبابه ومالَه وولده في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض والمقدّسات عند أول هبّة واول هجمة للعدو! ومايحز بالنفس ويؤلم الضمير ويجرح قلب الغيور حينما يأتي من أخذته العزة بالاثم واستكبر في الأرض وشمخ بأنفهِ حين رأى الجموع منساقة والأمور متّسقة لينكّل بأبناء جِلدته ومَن لهم الفضل والعرفان على الأمة والمجتمع، ويشيد بما ليس لهم إلّا الغدر والخيانة، فيستصغر شأنهم ويتنكّر لتضحياتهم وينكر تاريخهم بل ويتجرّأ على تنحيتهم عن ساحة الصراع والمواجهة، بدل أن يشدّ بهم عضده ويتخذ منهم سندا!! فهل رأيتم أعظم غدرا وأسوَءُ نكثًا وجحودًا مما سمعنا اليوم من دعاة الإصلاح ومدّعي الصلاح!!! لامِنّة للحشد الشعبي....!!!
{وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللهِ تُنكِرُونَ} غافر ٨١
آياته: بمعنى حججهِ ودلائلهِ على الحق والقدرة! وهل أعظم حجة على المنكرين فضل الحشد المقدس وتضحياته ونجاحه في إثبات تجلّي قدرة الله تعالى مع ماجرى من أحداث بمنتهى الجسامة والخطورة!!
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} النمل١٤
ولعلّ ماأثبته علماء النفس إنما هو دليل آخر على سَقم وإعاقة فكرِ مَن يحسَبون أنفسهم على الأسوياء، فعلماء النفس ينسبون احدى الاسباب المؤدية الى نكران الجميل وعدم العرفان، إنما هي "الغيرة من الناجحين وحسدهم" حتى وان كانوا هم الذين يقدّمون خدمة لنا وللمجتمع حدّ التضحية! لان الغَيور الحسود لا يَودّ ولايُسعدهُ أن يرى احدًا افضل منه، وكأنه وصلَ إلى ما وصل إليه بنفسه دون دعم أحد من الأهل أو الأصدقاء وذوي الخبرة في المجالات المتعددة، وقد نسوا أولئك الذين يتعسر عليهم الامتنان،أو أنهم لم يفقهوا، أن من أعتاد شكر المنعم وألِفَ العرفان والإمتنان للخالق "عزوجل" فهو بالعادة يرى ضرورة ان يكون العطاء والتضحية على كل الصعد بنيّة القربة الى الله تعالى أو إدامة لإنسانية الانسان ورغبتهِ الدائمة في خدمة القضية والمذهب وخدمة أبناء جنسه دون انتظار الجزاء والشكر، وإنّ عدم توقع ردّ الجميل إنما يعطي قوة في مواصلة العطاء ما استطاع إلى ذلك سبيلا،
وليس ذلك إلّا شيم الاحرار الذين أدركوا أبعاد مدرسة سيد الشهداء ابي عبدالله الحسين "عليه السلام"
فلا يكون الجحود مانع لهم في الخدمة{ وكلّ إناءٍ بالذي فيه ينضح}
١٥-ذوالحجة١٤٤٣هج
١٥-٧-٢٠٢٢م