كوثر العزاوي ||
إنَّ مِن تمام الوفاءِ بالعهد والبيعة مع إمام زماننا، هو إحياء يوم الغدير واستذكار الظروف التي أحاطت بتلك الواقعة التي أحيَتها ملائكة السماء، إذ سُمّيت في السماء يوم العهد المعهود وفي الارض الميثاق المأخوذ ومثل هذه الذكرى يوفَّق لمعرفتها الفائزون، وإننا إذ نجدّد البيعة مع الامير عليّ في ذكرى يوم تنصيبه إمامًا وهاديًا ووليًا في الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام مايجعلنا نعتقد أنما نجدد البيعة مع صاحب الأمر والزمان الامام المهدي المنتظر"عجل الله فرجه الشريف"
فمِن الغدير وفي انطلاقته الأولى كان هو الفجر المهدوي الموعود، ولكن ما بين غياب الوعي والغدر والنفاق ودناءة النفوس وامتداد أمد السقيفة، تظافرت هذه العوامل وطغت لكي تُطيل أمد الفجر المنتظَر الغائب كي يُسفِر عن تطبيق حكومة العدل الإلهي بعد طول انتظار وعناء! ومابين حكومة الغدير النظرية وغدير التطبيق ثَمَّةَ محطّات شاء الله تعالى أن تُبتلى بها البشرية لأجل التمحيص والغربلة ليَهلك من هلكَ عن بيّنة ويَحيى من حيَّ عن بيّنة،
أمّا مانقطع معه من العهود والعقود والمواثيق في كل صباح هي له ومعه "أرواحنا فداه"
كما التزامنا بما جاء في دعاء العهد الشريف :
" اَللّـهُمَّ إنّي أُجَدِّدُ لَهُ في صَبيحَةِ يَوْمي هذا وَما عِشْتُ مِنْ أَيّامي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ في عُنُقي، لا أَحُولُ عَنْها وَلا أزُولُ أَبَدا".
فهل سألنا أنفسنا يومًا ما هي حقيقة هذه البيعة؟ هل هي أخلاقية أم عبادية ام سياسية أم ماذا؟!!
وما هي الآثار المترتبة على مَن ينكث هذه البيعة؟؟ فقد نجد في صريح قوله تعالى الجواب:
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} الفتح ١٠
وهنا نلاحظ أنّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" بايعه الناس، وكانت يده فوق أيديهم والقرآن عبّر عنها أنَّها كانت بيعة مع الله وعن يدِه أنَّها يد الله لأنَّه رسوله وهو الذي يمثّلهُ في اﻷرض، ما يتوضّح أنّ بيعة الرسول هي بحقيقتها بيعة الله بنص القرآن الكريم!
والحاصل: فأنّ بيعة أمير المؤمنين "عليه السلام" هي بيعة الرسول وهو وصيّه و خليفته ومَن أمرَ الله رسولَه بجعلِه الوزير والوارث لهُ بدليل"حادثة الغدير في أرض خم" وتدخّل السماء فيها وذلك ثابت في القرآن والسيرة النبوية المطهرة مما لاريب فيه!
وفي رواية عن أمير المؤمنين"عليه السلام"حينما كان يتكلم حول الإمام صاحب الزمان "عجل الله فرجه" ويقول كلام طويل ورد في نهج البلاغة نذكر فقرة منه:
{أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه.. آه آه شوقًا إلى رؤيتهم..} فهذا يعني أن امير المؤمنين يبايع صاحب الامر و الزمان في اصل العقيدة و المنهاج حينما يبث شوقه للقياه في آخر الزمان ويوم الرجعة بإذن الله! وبالتالي فمن يبايع الأمير يوم الغدير فهو يبايع صاحب الأمر و الزمان "عجل الله فرجه الشريف".
وها قد وصلنا بعد الإدراك والمعرفة أن بيعة الله تعالى هي بيعة الرسول وبيعة الرسول هي بيعةٌ لأمير المؤمنين وبيعة أمير المؤمنين هي بيعة لصاحب العصر والزمان.
{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
النور ٥٥
١٦-ذوالحجة١٤٤٣هج
١٦-٧-٢٠٢٢م