انتصار حميد||
النجاح هو توفيق إلهي للأنسان, يحصل عليه عن طريق الإشراف والاطلاع على القواعد التي تؤدي إلى بلوغ غاية النجاح, وقد أبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها. فقد وضع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قواعد أساسية لبلوغ النجاح والسعادة, وأول طرق النجاح في الحياة هو: التفكر في إدارة الذات والتعامل مع النفس بفعالية؛ فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة".
فالتفكر يؤدي إلى تقوى الله, والابتعاد عن منازل الشيطان, وايضاً من ضمن مفاتيح النجاح الإخلاص لله تعالى في العمل, والتحلي بالاخلاق الحسنة؛ لأن الانسان بأخلاقه الحسنة يكسب رضا الخالق والمخلوق, والنجاح يحتاج إلى الثبات والمثابرة, وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ( لا تنالوا ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون, ولا تبلغوا ما تهوون إلا بترك ما تشتهون).
ومن هنا يتبين للقارئ اسباب نجاح الفكر الاداري الإسلامي عند امام المتقين, والذي كان منبعه القرآن الكريم, كمرتكز اساس فكرياً وعقائدياً, فقد طبق الامام علي (عليه السلام) النصوص القرآنية والسنة النبوية الشريفة, تطبيقاً عملياً منصفاً وعادلاً, وكان التخطيط آنذاك تخطيطاً شاملاً لمجالات الحياة كافة, اذ أدخلت النظرية الإسلامية بعداً اجتماعياً مهماً ومؤثراً في السلوك الإداري, وهو البعد الاخلاقي, فلا إدارة في الإسلام بلا أخلاق, فالتخطيط عند الامام علي (عليه السلام) هو لب الإدارة, فقد قال : (التدبير قبل العمل يؤمن الندم, التدبير قبل الفعل يؤمن العثار).
أضافة إلى التخطيط استخدم الامام ( عليه السلام) التنظيم الذي تنتظم فيه علاقات السلطة والمسؤولية, ليتلاءم دائماً مع المتغيرات الداخلية والخارجية, واتبع التنظيم التوجيه ثم المتابعة والتقويم, وكان على رأس تلك الإدارة وخطواتها هو استخدام العدالة والمساواة والرأفة بالرعية, في نسق علمي ومعرفي وحضاري.
وعليه فإن سر المقام العلي لأمير المؤمنين (عليه السلام), يتجسد في دين علي وإخلاصه لله تعالى, والذي هو اعلى مراتب الإيمان, كما قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة".
فإخلاص الامام علي لم يكن في دينه فقط وانما في عمله ايضاً؛ لأن العمل هو تطبيق فعلي للدين, فالتقوى والإيمان والعمل الصالح اساس نجاح الانسان في الدنيا والآخرة.