رواء الجبوري ||
عصف تلك الذاكرة المملوءة بشتى وأدق تفاصيل الطفولة التي طالما كانت مستقرة اجتماعيآ سابقا . لا تزال تلك القصص الجميلة تأخذ حيزا جميلا من ذاكرتنا. ولم نسمع في تلك القصص بأن الزوج قتل زوجته أو العكس! كذلك لم نعهد تلك زيالأفعال الشنيعة التي كانت نادرة الوجود في مجتمعنا سابقا. أما إذا ما ألقينا النظر قليلا إلى مجتمعنا اليوم عبر بوابة وسائل التواصل الإجتماعي فنجد أننا محاطون بكم هائل من القصص والجرائم التي تمارس يوميا في مجتمعنا تحت عنوان (العنف الأسري)! الذي لم تذكر امامنا تلك الجملة يوما ولا اصل لوجودها في قاموس حياتنا من الأساس .حيث كانت كمية العطف والحنان تفيض بنا حتى أصبحت متوارثة لأنها فطرة إلهية ..
وهذا يدل على وجود تغيير كبير في المجتمعِ وعاداته السائدة عبر الزمن وما وصلنا إليه من تكنولوجيا جعلتنا نفتقد حكايا الأب والجد والجدة التي كانت تروى لنا ببساطة وسلاسه لكنها بمثابة دروس تعليمية واضحة المعالم تعزز في نفوسنا قوة الشخصية وتربينا على الخلق الحسن وعدم الاعتداء على الآخر مهما كانت الظروف لهذا نحن نشهد تزايد مستمر في ظاهرة العنف الأسري.
العنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري انتشار ا في زمننا الحاضر ورغم أننا لم نحصل بعد على دراسة دقيقة تبين لنا نسبته في مجتمعنا إلا أن آثاره له بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح من خلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. ومن الواضح أن نسبته في ارتفاع وتحتاج الى التحرك بصفة سريعة وجدية لوقف هذا النمو الخطير وإصلاح ما يمكن إصلاحه من كافة أطرف المجتمع. إذ ظهرت في الآونة الأخيرة حالت تعذيب وتعنيف شديد تصل إلى حد القتل للأبناء من قبل الآباء فتارة نسمع اب قتل ابن له وتارة أخرى امرأة تلقي بأبنائها في النهر .بل أصبحوا يتفننون بنوعية وأداة التعذيب .
فقد انتشر في بيوتنا جفاء بين الأب وأبنائه وبين الأم وأبنائها، وبين الزوج وزوجته، وأكثر المتضررين من هذا العنف للأسف هم الاطفال
إذ أن ظروف العصر الراهن والتحولات الاجتماعية التي صاحبت تطور منظومة الأسرة وما طرأ من تغيير على ثقافة المجتمع وتقاليده، ومتطلبات الحياة ودخول الانترنت بشكل مفاجئ للمجتمع العراقي بشكل عام .ولافراد العائلة العراقية بشكل خاص بعد عام ٢٠٠٣ وانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والأدمان من قبل الآباء أيضا .
ساهمت في جعل الأطفال أكثر عرضه للمعاناة من المشكلات النفسية عامة والقلق خاصة. وهذا ما جعل مهمة الوالدين اشق بكثير منها بالأمس.. فالأسرة هي مرتكز العلاقات الأولى ونقطة انطلاق الفرد فإذا كان هناك خلل داخل الأسر ة فيأتي بنتائج عكسية على الفرد خارج النطاق الأسري ممتداً إلى المجتمع، وهي تؤثر في شخصية الطفل تأثيراً كبيراً. فنوع العلاقات السائدة في الأسرة بين الأبوين والأطفال يحدد إلى مدى كبير أنواع شخصيات الأطفال وسلوكهم في المستقبل.
إذ أن أهمية الطريقة التي يعامل بها الوالدان أطفالهما وماله في دور هام، فالطفل يتفاعل مع مجتمع الأسرة أكثر من تفاعله مع أي مجتمع أخر، ولاسيما في مراحل عمره الأولى ولا ينفصل في مشاعره عن الأسرة.
أن من أهم أسباب قلق الأطفال يعود إلى سيطرة الإباء التسلطية وما يستخدمه الإباء أساليب القوة والتفرقة بين الأخوة وبين الولد والبنت فإذا كانت علاقة الطفل بوالديه تتمثل بالإهمال والتسلط أو تفضيل أحد الأبناء على الأخر فسوف تؤثر سلبا في النمو النفسي للطفل، فالأطفال الذين يتعرضون إلى الحماية المفرطة والسيطرة المتطرفة أو غياب السلطة الوالدية أو التدليل المفرط يعرض الطفل إلى الإصابة بحالات اضطرابات نفسية شديدة نتيجة العنف للأسف
"فرفقا بأحباء الله ورياحين الدنيا والآخرة"