انتصار حميد||
الملا محمد شريف زاهدي رجل دين من اهل السنة, استبصر بعد بحث معمق ومناظرات مع نظرائه من سنة وشيعة, فألف كتاب سماه "لا بد أن أتشيع".
يقول في جنب من كتابه: كنت اناقش اساتذتي في معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الغدير: (فهذا علي مولاه), فكانوا جميعاً يصرون على معنى الحب والمودة ليس أكثر.
يقول كنت اناقش احدهم, استناداً إلى كتاب مشهور لدينا, وهو من كتب احد علمائنا الكبار وهو "مولانا محمد عمر سربازي". وبعد المناقشة الحامية لم استطع اقناع خصمي في النقاش, بعدم صحة قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمجرد معنى الحب والمودة من حديثه, وهو لم يزحزحني عن قناعتي, فلما اغلقنا الكتاب كنت محتاراً: كيف أقنع هؤلاء بعدم صحة تفسيرهم للمولى؟
فجأة وقع نظري على أسم صاحب الكتاب: ( مولانا محمد عمر سربازي), وعلى الفور اتصلت في نفس مجلسنا ولم نفترق بعد, على بعض مشايخنا الكبار, أسألهم عن المقصود من كلمة مولانا محمد عمر الذي هو من أكابرهم, وكل من أتصلت به يقول: أنها تعني إمامنا! فأسألهم: إلا تعني حبيبنا؟ فينفون ذلك! وهنا دمغت خصومي بالحجة من أفواه مشايخهم.
وفي يوم من الايام اتصل بي احد الاصدقاء من زملاء الدراسة, في معهد الدراسات الشرعية في بلوشستان, وقد أراد أن يزورني؛ لمناقشتي بعدما سمع عن توجهاتي العقائدية الجديدة؛ حرصاً منه على مصيري الأبدي! فخرج من بلدته ليقطع مسافة 250 كم لهذا الغرض, فجرى بيننا النقاش وتركز ايضاً على معنى الموالاة والمولى, وكلما أتيته بدليل قرآني, أو روائي, أو عقلاني لم يقتنع, وأخيراً غادرني وهو يتأسف على حالي! وبعد أكثر من ساعة من مغادرته أتصلت به وقلت له: فلان لا بد أن ترجع الآن, أريدك لأمر ضروري جداً, فرجع متذمراً, فلما وصل, قال: هات ما عندك, ما هو الأمر الضروري الذي أرجعتني من أجله؟
قلت: أردت فقط أخبارك انني أحبك وأودك. فصعق الرجل وغضب وقال: إما أنك مجنون! أو أنك تريد إيذائي! ما هذا التصرف الأرعن؟ وهنا اقتنصت الفرصة لأقول: أني أرجعت واحداً فقط, وتتهمني بالجنون أو الإيذاء! ونبي الرحمة يرجع عشرات الألوف من الناس بعد قطعهم مسافات طويلة, وفي تلك الظروف القاسية, لمجرد أن يخبرهم بحبه لعلي (عليه السلام).
أفلا ترى أن المسلمين الذين تكبدوا ذلك العناء, يمكن أن يشكوا في عقلانية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!؟
هنا ذُهل صاحبي وسكت, وتبدل غضبه إلى حالة من الضحك اللامتوازن, وقد أحس كم أن اصرارهم على ذلك التأويل الفاسد, يبعث فعلاً على المسخرة والاستهزاء بالعقول.