لمى يعرب محمد ||
كان من عادات العرب في الجاهلية يطوفون حول الكعبة عراة، يقسمون اليوم إلى نصفين الليل للنساء والنهار للرجال، ويسعون بين الصفا والمروة ويصعدون جبل عرفات، ثم يذبحون الذبائح وتلطخ جدران الكعبة بالدماء تقربا إلى الله، وكانت هذه العادات يرجع سببها لا اعتقادهم أنهم يكرهون أن يطوفوا في ثياب عصوا الله فيها، وان هذه الثياب قد دنستها المعاصي في زعمهم فيتجردون منها، وقيل أيضا أنهم كانوا يفعلون ذلك تفاؤلا بالتعري من الذنوب.
هذه الشبهة الدينية التي كانت العرب تتخذها قبل الإسلام، بمجرد تخيلهم الفكري إن هذا الطواف المقدس لا يجب أن يدنسه ولو خيطا من ثوب يكون ربما مشكوك بأمره، ويكون الحل لديهم "التعري"، ولكن عندما جاء الإسلام فند هذه العادات وكانت هناك آيات صريحة تدل على نبذها وتركها، إن هذا الادعاء والبدع الباطلة أثرت على المجتمع آنذاك وأصبحت نصوصا معتاد عليها، وجرت على عامة الناس وخاصتها.
لا تختصر لفظة "العري" على معناها اللغوي فقط وهو عدم ستر الجسد، فهناك أنواع للعري: العري الفكري والعقلي والعري الأخلاقي والاجتماعي، ويجري هذا الابتلاء عندما يسود الجهل على الناس والمجتمعات البسيطة دون أي علم أو رؤيا واضحة.
يحكى إن أبا الشمقمق كان جالس على جسر بغداد يأكل وهو مستأنس بالأجواء اللطيفة جاءه شرطي وانتقده على جلوسه هذا، فقال له إن جلوسك هذا غير لائق هناك أناس كثيرة تمر من هنا وهذا عمل غير حسن، فقال أبو الشمقمق أتقصد هؤلاء الناس ؟!.. قال : نعم، قال أبو الشمقمق انظر ماذا سأفعل، صعد أبو الشمقمق على منصة وبدأ يصيح أيها الناس..أيها الناس، فتجمعت الناس وقد امتلأ الجسر بهم، قال أبو الشمقمق: حدثني فلان عن فلان عن فلان عن النبي(ص): أنه من يخرج لسانه فيبلغ أرنبة أنفه يدخل الجنة، فما بقي احد من الواقفين لم يخرج لسانه ليرى انه يدخل الجنة أم لا !!..
المهرجون الذين يتخذون من الطبقة الجماهيرية أداة لهذا العري، والذين هم بعيدون كل البعد عن السلوك الأدبي والأخلاقي بالتعامل مع هذه الطبقة، بغسل الأدمغة يهدفون إلى تحويل المجتمع لمجتمع جاهل يركض وراء كل انحطاط فكري، فاقدين الشعور بالمسؤولية وخطر هذا الانحطاط نجني شؤمه يوميا في بلدنا وجديده القصف التركي على الشمال ..
يا أصحاب المعالي كفاكم تطوفون حول عراقكم عراة، لا حج الجاهلية يقبل منكم ولا حج الإسلام!!..
ــــــــ
https://telegram.me/buratha