كوثر العزاوي ||
{إذا أخذ الناس يمينًا وشمالًا فأَلزِم طريقتَنا، فإنّه من لزِمَنا لزِمْناهُ، ومن فارَقَنا فارقْناه}
الإمام الرضا "عليه السلام" البحار ٢٦ - الصفحة ٢٣٩
نقطة على رأس السطر!!
ياسادة ياكرام إنه طريق آل محمد "عليهم السلام" المبرِئ للذمم، الذي يختصر لنا مسار السلامة، ويقطع علينا سبيل الشيطان، ويجنّبنا الغفلة، ويبصّرنا موارد الوصول، وهل ثمة غير ماورد عنهم من أقوال تعرّفنا السلوك الصحيح في توجيه بوصلة الإستقامة في الحياة؟!! وهل هناك خريطة عملٍ غير المنظومة القيَميّة المتكاملة لآل محمد"عليهم السلام"التي أساسها كتاب الله! الذي فيه تبيانٌ لكل شيء على جميع الصّعد منها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والحياة الزوجية والأسرية حتى العلاقات العامة بل وكل فعل وحركة وسكَنة وغير ذلك كثير!!
إذن: هلمّوا بنا لنعيد قراءة صحيفة اعمالنا وتصفية حساباتنا على ضوء ماورد في توجيهاتهم"عليهم السلام" وهم بلا شك سبل الاطمئنان لقلوبنا فهمُ الأَدِلَّاءَ عَلَى صِرَاطِهِ الذين عَصَمَهم اللهُ مِنَ الزَّلَلِ وَآمَنَهم مِنَ الْفِتَنِ وَطَهَّرَهمْ مِنَ الدَّنَسِ وَأَذْهَبَ عَنْهمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهمْ تَطْهِيراً! ترى، فمَن أولى بالاتّباعِ منهم!!!
وبعد هذه المقدّمة، سأتناول من وجهة نظري القاصرة، أبرز مايستلزم علاجًا لكثير من الظواهر المجتمعية السلوكية حتى نرِد مناهل معين ماورد عنهم "عليهم السلام" ونشرع في
--مايخص القضاء والحُكم،
يقول الإمام أمير المؤمنين"عليه السلام" في عهده إلى مالك الأشتر:
{ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع...الى ان يقول: ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميلُه إغراء، وأولئك قليل}
هنا يبين الإمام صفات الحاكم والقاضي، ولنا أن نقارن مانراه في رجال الدولة والمتولّين على رقاب الشعوب فهل رأينا نموذجا قد تحلّى بهذه السمات السامية!!
أليس حريّ بمن يتسنّم منصبًا في الدولة وهو محسوب على نهج عليّ في مثل زماننا بأن يهتموا بأمر القضاء والقضاة لضمان العدل بين الناس، كما اهتم به أمير المؤمنين "عليه السلام" وكيف أمر مالكًا بالاهتمام بهم وبما يزيل علّتهم ويسدّ خلّتهم؟!!
--وعن أبي عبد الله "عليه السلام" قال:
{إن قَدَرتُم أن لا تُعرَفوا فافعلوا وما عليكَ إن لَم يُثْنِ الناس عليك، وما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس إذا كنت محمودًا عند الله تبارك وتعالى}!!
في هذا إشارة إلى الحثّ على عدم حب الظهور ومجانبة الأضواء، والاهتمام بالثمرة طالما الدافع هو الإخلاص لله تعالى، وليكن مشفقًا حذِرًا من أن يصير سببًا للطغيان والعُجُب!
--ويقول الإمام الصادق"عليه السّلام": {ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالَفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافَقَنا بلسانه وقلبه، واتبع آثارَنا، وعمِل بأعمالنا، أولئك شيعتنا}
وهذا دليل على قبح مايكون عليه كثيرًا من الناس، فتراه منشغلًا بالافتخار والتباهي بأهل البيت "عليهم السلام" كونه من الشيعة وإن كان يحقّ له الافتخار، غير أنّ العلاقة التي يجب ان تكون بين الشيعة وآل محمد، هي علاقة اقتداء واستضاءة وتبيين، وليست علاقة افتخار ومباهاة بل ولن تكون عملية اتّجار بأسمائهم لغرض الوصول إلى مآرب خاصة!!
--درس آخر في التواضع مستوحى من هذه الحادثة:
{ذَاتَ يَوْمٍ كَانَ الإِمَامُ أَمِيْرُ المؤمنين "صلَواتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ" رَاكِبًا فَالْتَفَتَ فَرَأَى أَنَّ جَمَاعَةً يَمْشُوْنَ خَلْفَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَلَكُمْ حَاجَةٌ؟! قَالُوا: لَا. فَقَالَ لَهُمْ: "إِنْصَرِفُوا فَإِنَّ مَشْيَ المَاشِي مَعِ الرَّاكِبِ مَفْسَدَةٌ لِلرَّاكِبِ، وَمَذَلَّةُ لِلْمَاشِي}
وعلى ضوء ماورد، لنا أن نستلهم الحكمة من خيار الخلق وسيد البشرية أيضا الذي يقول:
{مَا تَكَبَّرَ إِلَّا حَقِيْرٌ وَ مَا تَوَاضَعَ إِلَّا رَفِيْعٌ} ولنا فيهم أسوة حسنة.
--وَمما جاء عن أمير المؤمنين "عليه السلام" في خطبة له في "وصف المتقين"، نقتطف زهيرات لنشمّ عبق التقوى منها:
{..فهم مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ، ولأنفسهم مُتَّهِمُونَ، إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهْمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِن غَيْرِي، وَرَبِّي أَعْلَمُ مِنِّي بِنَفْسي! اللَّهُمَّ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لاَ يَعْلَمُونَ. إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيَما تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيَما تُحِبُّ..!! حقًا أن خطبة المتقين في نهج البلاغة، إنما هي مدرسة الاستقامة والبصيرة لمن شاء منكم أن يستقيم.
-- ومن قوله تعالى درس آخر في ذم الكثرة.
﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾
إنّ من الأمور التي أصبحت عبثًا، ملاك الحق ومظهر الحرية الإجتماعية والديمقراطية في هذا الزمان، "هو رأي الأكثرية والتصويت العام والانتخابات" لتوحي إلى الناس، أن الكثرة معيارٌ المناقب والصلاح، في حين نلاحظ القرآن زاخر في بيان معاني الذم للكثرة إلّا ماكان لله خالصًا ممحّضا وهذا صعب المنال لاتباع الأكثرية الهوى والشيطان!!
ومسك الختام: الأمان والسلام فيما ورد عن سيد الموحدين وإمام المتقين قوله:
{في حيرة عصر الغيبة سيثبُت على دينهم فقط الذين يأنسون بروح اليقين المباشر وبمولاهم وصاحبهم}
فاشتغِل ليلك ونهارك بذكر المحبوب فإذا صار كذلك، لن تكون للشيطان مكانة في حياتك بعدها، ولن تتمكن من ارتكاب الذنب وسيكون كل وقتك تحت ضمانة إمام الزمان" عجل الله فرجه الشريف.
٢١-ذوالحجة١٤٤٣هج
٢١-٧-٢٠٢٢م
ــــــــ
https://telegram.me/buratha