عربية البياتي ||
مما لا شك فيه أن الملاك في جعل يومٍ من الأيام عيداً إسلامياً هي الأدلّة الشرعية: القرآن الكريم أو السنّة المطهرة.
وعليه فلا يمكن إطلاق لفظ العيد شرعاً على يومٍ ما مهما كانت عظمته أو بلغت أهميته في الإسلام ما لم يُطلق عليه الشرع ذلك.
وعلى الرغم من الأهمية البالغة لبعض الأيام في الدين الإسلامي كيوم المبعث النبوي الشريف، أو يوم دحو الأرض أو يوم عرفة أو أيام ميلاد المعصومين (عليهم السلام) وعلى رأسهم سيد الكائنات (صلى الله عليه وآله)، إلا أنها لم يرد في حق أيٍّ منها إطلاق لفظ العيد عليها. على حين أطلقت بعض الروايات لفظ العيد على يوم الغدير، بل وصرّحت بأنه أفضلها وأعظمها.
وأول من اتخذ يوم الغدير عيداً هو الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) حيث روي عنه أنه قال: "يوم غدير خم أفضل أعياد امتي ، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لامتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي أكمل الله تعالى فيه الدين وأتم على امتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا ، ثم قال عليه وآله السلام : معاشر الناس! ان علي بن أبي طالب مني وأنا من علي ، خلق علي من طينتي وهو إمام الخلق بعدي ، يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي ، وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين وخير الوصيين ، وزوج سيدة نساء العالمين ، وأبو الأئمة المهديين"
كما عظّم أهل البيت (عليهم السلام) عيد الغدير أيضاً ونشروا بين الناس فضائله وأهم ما يستحب فيه من أعمال، فقد روي عن الحسن بن راشد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: " قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن وأعظمهما وأشرفهما، قال: قلت له: فأي يوم هو؟ قال: هو يوم نصب أمير المؤمنين عليه السلام علما للناس، قلت: جعلت فداك وأي يوم هو؟ قال: إن الايام تدور وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجة، قلت: جعلت فداك، وما ينبغي لنا أن نصنع فيه ؟ قال : تصومه يا حسن ، وتكثر الصلاة على محمد وآله ، وتبرء إلى الله ممن ظلمهم، فإن الانبياء كانت تأمر الاوصياء اليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يُتخذ عيدا ، قال : قلت : فما لمن صامه ؟ قال : صيام ستين شهرا "
كما روي عن أبي الحسن الليثي عن الإمام الصادق(عليه السلام): أنّه قال لمن حضره من مواليه وشيعته: أتعرفون يوماً شيّد اللَّه به الإسلام، وأظهر به منار الدين، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا؟ فقالوا: اللَّه ورسوله وابن رسوله أعلم، أيوم الفطر هو يا سيّدنا؟ قال: لا. قالوا: أفيَوم الأضحى هو؟ قال: لا، وهذان يومان جليلان شريفان، ويوم منار الدين أشرف منهما؛ وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وإنّ رسول اللَّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) لمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خمّ أمر اللَّه (عزّ وجلّ) جبرئيل(عليه السلام) أن يهبط على النبيّ(صلى اللّه عليه وآله وسلم) وقت قيام الظهر من ذلك اليوم، وأمره أن يقوم بولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) ، وأن ينصبه علماً للناس بعده، وأن يستخلفه في اُمّته"
وقد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم تساؤلٌ عن السبب في كون يوم الغدير أعظم الأعياد في الإسلام؟
وفي مقام الإجابة نقول:
إنّ عيد الغدير جاء للمسلمين بخير الدنيا والآخرة وهذا ما لا يتوفر في سائر الأعياد، وللمزيد من التوضيح نورد الأسباب الآتية:
أولاً: إكمال الدين وإتمام النعمة
فقد أنزل الله (تعالى) فيه: "اليَوْمَ أكمَلتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأتمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتـي وَرَضيتُ لَكُمُ الإسْلامَ ديناً"،
كما روي عن رسولُ الله (صلى الله عليه وآله):"وهو اليومُ الذي أكملَ اللهُ فيه الدينَ وأتمَّ علَى أمّتِي فيه النعمةَ ورَضِي لهُم الإسلامَ ديناً".
مما يعني أن الدين الإسلامي لم يكن ليصبح كاملاً وأن النعمة لم يكن الله (تعالى) ليتمها على المسلمين لولم يتم تعيين خليفةً للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وعليه فإن عيد الغدير ليس يوماً خاصاً بأمير المؤمنين (عليه السلام) وحده، بل هو يوم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، لا بل هو يوم الله (تبارك وتعالى)، لأنّ مراد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) في طول إرادته (تعالى).
الحمد لله رب العالمين
https://telegram.me/buratha