كوثر العزاوي ||
وردَ في مكاتبةِ الإمامِ صاحبِ العصرِ والزمانِ {عجل الله فرجه الشريف} للشيخِ المفيد: «ولو أنَّ أشياعَنا، وفّقهمُ اللهُ لطاعتِه، على اجتماعٍ مِنَ القلوبِ في الوفاءِ بالعهدِ عليهم، لما تأخّر عنهمُ اليُمْنُ بلقائِنا، ولتعجَّلتْ لهمُ السعادةُ بمشاهدتِنا على حقِّ المعرفةِ وصدقِها منهم بنا».
لنضع خطًّا تحت {..على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم..}
ترى! أيّ اجتماع وأيّ عهد ذاك الذي
بدأ رسالته به روحي فداه بأداة التمنّي"ولو" وأي شعور يحزّ في نفس الغيور المنتَظِر حينما يقرأ ماوراء رسالة إمامه الغائب، وما ستؤول إليه أمورهم آخر الزمان من الفرقة والتشظي وعدم الوفاء بالعهد!! إذ أنه أبرز تجلياتِ المرحلة التي تقطّع نياط قلب "صاحب الزمان" فضلًا عن غربته التي يراها مصداقًا لعدم وفاء شيعتهِ بالعهد!!
فنحن نصبح ونمسي على مالايسرّ الخاطر من مظاهر الخذلان والغدر والهجران والطعن من أدنى الوشائج إلى اقصاها، ما يجعل الأمة على مستوى من الغفلة وعدم المسؤولية، في الوقت الذي يجب أن يتجسَّد واقع مفهوم الاجتماع والألفة على الطاعة ومتابعة القادة ومن ينوب عن الإمام المعصوم الغائب من الفقهاء وأصحاب الخبرة، فضلًا عن ضرورة العمل المشترك لتبليغ الإسلام وتطبيقه والجهاد والمقاومة لإزاحة الظلم والطغيان عن مستضعفي العالم ونصرة المظلوم ورفع كلمة التوحيد، وهو ذات المشروع التمهيدي الذي يلخّص معنى الانتظار من منطلق الشعور بالمسؤولية، إذ هو الشرط الجوهري للظهور المقدس، بل والأعظم من ذلك، انّ المهدي"عجل الله فرجه" يرتّب على هذا الاجتماع والوفاء بالعهد أثره الحقيقي وهو المأمول من شيعته، فلو تحقّق {لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا} أجل! وذلك مقتضى النعيم الناتج من العدل الكامل الذي يتكفّل الإمام الغائب تطبيقهُ على العالم كله!!
إذن: فما اتعس المدّعين الذين أوهموا أنفسهم أنهم على مقدار من المعرفة والوفاء، والواقع أنهم يجهلون أو يتجاهلون أنّ إمامهم المنتظر مطّلعًا على الأخبار مواكبًا للأحداث يشعر بآلام وآمال أمته وقواعده الشعبية ويميّز الخبيث من الطيب والصادق من المدّعي،
فأمر الغيبة منوط بذنوب الناس وعصيانهم وخذلانهم للمشروع المهدوي الذي يفضي إلى مخالفة العهد والالتزام سيما المنتظرين منهم! وخلاف ذلك، فإنَّ كلَّ عملٍ يجعلُ قلوبَ الشيعةِ تجتمعُ على الوفاءِ بالعهدِ وتسعى إلى الإصلاح الحقيقي، فذلك الواجب بعينه ، بل ويُفضَّلُ على الكثير من الاعمال وبه
يتحقق شرط الظهور الذي يؤهل الأمّة للتيمّن بلقاء بقية الله الموعود الذي تنتظره البشرية للخلاص وتحقيق الوعد الإلهي! وذلك بصريح ماجاء في ذيل رسالته "سلام الله عليه":
{فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتّصل بنا مما نكرههُ ولا تؤثرهُ منهم! والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.}
فهل ثمة وضوح أكثر بيانًا؟! فاعتبروا ياأولي الألباب.
٢٨-ذوالحجة١٤٤٣هج
٢٨-٧-٢٠٢٢م
https://telegram.me/buratha