علي الخالدي ||
كانت العرب في الجاهلية لها عهود تربط القبائل ببعضها ومواثيق تقدسها وتحترمها وتتفاخر بالتمسك بها وتعتبرها من مكارم الأخلاق، وسارت عليها سنن الأجداد وتوارثها الآباء لقرون متعددة ، مثل نصرة المظلوم وحرمة القتال في الأشهر الحرم حتى تمم الإسلام اكرمها للإنسانية .
وكانت الجزيرة العربية وقبل قدوم رسول الله" صلى الله عليه وآله " تعيش على ما يصدرها من رحلة الشتاء والصيف مع الشمال الشامي والجنوب اليماني، وما يردها في موسم الحجيج بالطواف حول الكعبة من الوافدين من الجزيرة العربية ، ولا يمتلكون اي ثقافة قابلة للتصدير غير فصاحة اللغة والشعر التي تنتهي في حدود جزيرة العرب وتقف مهرجانات الفراسة بها في مكة المكرمة وعند صرح الكعبة المشرفة ، ولا يملكون ما يهدد الإمبراطوريات التي تصلهم عنها الصحراء ، ولا يملكون ثقافة البناء الإمبراطوري والتوسع الإداري على غرار إمبراطورية الفارس و الرومان،ولم يكن هناك أي بصمات لأي مؤثراً خارجيا يشار الى تواجده بين القبائل غير التجسس اليهودي الذي يتحسس النبي المنتقم من وجودهم ، وربما هذه من الأسباب التي تركت عرب مكة والمدينة يعيشون الاستقرار والهدوء في التنقل السلمي للسطلة المحصور بقبيلة قريش ومن سطوة الاحتلال الروماني و الفارسي.
بعد ان قدوم رسول الله "صلى الله عليه وآله " بالدين الإسلامي الذي جاء ليس لإنقاذ العرب بل البشرية جمعاء، بدأت القبائل تشعر بتهديد زوال حكمها ونفاد قوتها، لأنها تنظر للإسلام ليس كدين وإنما سطوة وحكم وخلافة، وهذه كانت من أسباب دخول الأعراب افواجاً أفواجاً في دين الله، وانسحبت نظرية القبائل العربية على البلدان و الإمبراطوريات المجاورة للدولة الإسلامية المحمدية، فأخذت خطر زوال حكمها بجدية.
فأخذت تحوك المؤامرات لإسقاط هذه الدولة بمساعدة جواسيس اليهود وعيونها في مكة والمدينة، فكانت تدخلات الرومان واضحة في الجزيرة العربية وعبر اذرعها وذيولها الأموية التي اغرقت العرب والاعراب بالمال والفحش ، فكانت الدولة الرومانية أول دولة تتدخل بالدعم المالي والسلاح اللامحدود تزوده الامويين لإسقاط الدولة الإسلامية المحمدية ثم العلوية و الحسنية واخيرا الحسينية .
فلولا الدعم العالمي الذي تمثله الرومان وبمجسات يهودية سالفاً و آنفاً والذي ما زلنا تحت تأثيره لما استطاعت اي قبيلة قادمة من قلب الصحراء تحجيم وإيقاف مشروع النبوة و الإمامة صلوات ربي وسلامه عليهم .
على الأمة الحسينية في هذه الأيام العاشورائية ان تعرف وتّعرف من عدوها ومن قتل نبيها وابن بنت نبيها، وأن لاتقف عند واجهة المشروع الاجرامي يزيد ومعاوية عليهم لعائن الله، بل عند من وقف وما زال يقف خلفهم ويدعمهم بسلاح الإعلام ، فالتقية انتهت لكشفهم ونحن امام مشروع إلاهي مبارك قادم بدأ يتحسسه المظلومين مشروع سلام يا مهدي.