لمى يعرب محمد ||
اليد مصدر العطاء والقوة، ومصدر التآزر والتآخي والقدرة والإحسان، "مصدقا لما بين يديه وهدى"، إذن لليد أهمية عظمى ودلالات هامة في الدين والمجتمع، وقد تتحول اليد من مفهوم إلى مفهوم يقال في الأمثال الشعبية ( اليد الواحدة لا تصفق)، وهذا دليل على التشارك والتعاون، مقولة تحمل بمضمونها قيم ومفاهيم أخلاقية، حركات اليد وإيماءاتها لغة إنسانية قيمة، تتخذ بعدا مقدسا كايماءات الصلاة والتسبيح والابتهال لله تعالى.
خير بينة هنا ولكي لا نبتعد عن صلب موضوع هذه المقالة، لدنيا نحن أبناء المذهب الشيعي رمزية كبرى وهي يد الامام العباس أو ما يسمى ب"كف العباس(ع)"، وماتحمل من قدسية، التي استطيع أن أطلق عليها (ملحمة الكفوف)، والتي لا تضاهيها أي ملحمة أو أسطورة تاريخية، انتقل فيها الإمام العباس عكسيا من المجال الحسي والملموس الذي يطمح له أي إنسان إلى الهيام الروحي والتضحية والوفاء لأخيه الحسين(ع) .
العباس بن علي قمر بني هاشم والكافل وحامل اللواء، كيف منحت هذه الألقاب العظيمة للعباس(ع)، برغم المحاولات العديدة من قادة ابن سعد للتأثير على عزيمته، والأحداث المعروفة التي جرت في واقعة الطف. لم يبق الإمام العباس من فضائل الأدب والأخلاق إلا وقدمه للبشرية جمعاء دروسا تربوية مفصلة، كانت تضحية الإمام العباس(ع) خالصة لله تعالى وبين العباس هذا الإيمان في رجزه عندما قال: والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين
لقد استشهد الإمام العباس من أجل المبادئ العليا التي رفعها الإمام الحسين(ع) وانطلق بها إلى ميادين الجهاد من أجل أن ترفع كلمة الله تعالى في الأرض، ورفض الباطل والطغيان.
يا صاحب الكف العظيم، أنت يا رمز الإيثار والعظمة، بدورك أصبحت للملحمة عمق أكبر ومميزات أكثر سموا، مثلت بلوائك العدالة وما فيها، مزقت بوفائك وإخلاصك جميع مكائد الشيطان، وعيك وبصيرتك يحتذى بها في كل عصر، أنت شعار لكل قضية سامية، تزيدنا معرفة وثباتا نستلهم منك أن وحدة الأخوة الصادقة ووحدة الصف توجب النصر في كل موقف، ضاقت صدورنا يا أبا الفضل، نحن لسنا بخير أمة منذ إن قتل الحسين، ومنذ أن تحولت لون أرض كربلاء حمراء من دماءكم أبيح بأرضنا فنون النفاق والتفرقة، أنظر لنا أرونا بفضائل دروسك ورفعة إخلاصك، وصلابة إيمانك وصدق يقينك...