سلام الطيار ||
الازمة العراقية و الصراع الداخلي ازمة قديمة عمرها ضارب في عمق التاريخ فلم تهدأ الساحة العراقية منذ ان تولتها دولة امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالرعاية والعناية إذ شابها الكثير من الاضطراب و التنافر بالرغم من عدالة و حكمة و نورانية الشخصية العظيمة لعلي بن ابي طالب مما اضطره عليه السلام ان يزاول التدبير السياسي تارة و العمل العسكري تارة اخرى لقطع دابر الصراعات و إخماد نار الفتن و هو ما كان يؤشر الى وجود حركة كبيرة معارضة ضد حكم و وجود علي عليه السلام و انصاره و اتباعه و مريديه . هذه الحركة الرافضة المعارضة استمرت حتى شملت الامام الحسن عليه السلام بعد شهادة أبيه علي عليه السلام فأقصته و ابعدته عن دوره كإمام للمسلمين الى أن اغتيل غدرا بالسم على يد اللعينة جعدة زوجته بتحريك المحركين ثم امتدت الحركة الرافضة المعارضة و طالت الامام الحسين عليه السلام فقتل مظلوما في سبعين و نيف من اصحابه و أهل بيته في طف كربلاء و سبيت حريمه و على رأسهم العقيلة الهاشمية زينب الكبرى ابنة امير المؤمنين علي عليهما السلام . كل هذه الفتن حصلت في تاريخ المسلمين بالرغم من وضوح دعوة الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه الى تبني خط علي عليه السلام و ترك باقي الخطوط فمن المناقب عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا (يا أبا أيوب إن الله أكرمك بنبيه صلى الله عليه وآله إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ضيفا ، لك فضيلة فضلك الله بها أخبرنا عن مخرجك مع علي؟ قال: فإني أقسم لكما إنه كان رسول الله في هذا البيت الذي أنتما فيه وليس في البيت غير رسول الله وعلي جالس عن يمينه وأنا عن يساره وأنس قائم بين يديه إذ تحرك الباب فقال عليه السلام: أنظر من بالباب فخرج أنس وقال: هذا عمار بن ياسر فقال: افتح لعمار الطيب المطيب. ففتح أنس ودخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فرحب به وقال: إنه ستكون بعدي في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب عليه السلام وإن سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي وخل عن الناس إن عليا لا يردك عن هدى ولا يدلك على ردي. يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله) و كذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا) أي واجبا الطاعة في كل الاحوال . و بالرغم من كل هذه الروايات و الأحاديث الدالة الواضحة فان الرفض و المعارضة لخط علي و أبناءه استمرا فكثرت الفتن و الاضطرابات و ماجت بها الارض و سالت دماء اتباع و انصار علي و الحسين بغزارة على مر العصور . بالتأكيد لم تأت هذه الاحداث الجسام من فراغ فالصراع على السلطة مع وجود المطبلين و المثيرين للفتن و من جملتهم اليهود الدواهي و ما يحملوه من شديد العداء و البغض للخط العلوي و الحسيني الذي يمثل الاسلام المحمدي الاصيل و كذلك من كان يسعى وراء الملك العضوض كانوا هم السبب الرئيسي وراء كل ما افرزته الساحة الاسلامية تاريخيا و التي كان من اهم مراكزها العراق الحالي أو الكوفة و البصرة سابقا . ان نفس هذه الفتن مازالت تموج في ساحة العراق الحالي و هي امتداد لما سبق و لعل خط و سياسة و طغيان النظام الظالم البائد قبل العام 2003 مثال قريب واضح تطابق مع عقيدة من سبقوه في حرب علي و الحسين و اتباعهما و انصارهما عليهما السلام و لعل في دماء مئات آلاف الشباب و الشيوخ و الرجال و النساء و الاطفال الشيعة التي أريقت و أهدرت في زمنه في العراق ظلما و عدوانا شاهد و دليل . إلا إن الوضع اليوم مختلف تماما فهؤلاء الذين ظلموا على مدى اكثر من ألف و ثلاثمئة عام لهم دولة أذن الله لها ان تقوم في العراق تجاورها دولة أخرى تشترك معها بالرؤية الاسلامية و لها من القوة و الاقتدار الشئ الكثير و هذا القيام و الوجود المشترك أفزع و أغاض الأعداء التاريخيين لعلي و الحسين عليهم السلام . و أن في قيام هاتين الدولتين المتوحدتين في الرؤية والهدف حكمة إلهية بالغة و لعل فيه التمهيد لأمر قادم مهم و إلى حين أن ندرك الحكمة و تتوضح تمام الصورة فإن الفرصة الذهبية سانحة اليوم لاصلاح الذات و إصلاح النوايا و اصلاح العمل بما يليق و وجود هذه الدولة في العراق بإمتداداتها التاريخية و عنوانها العلوي الحسيني .