علي الخالدي ||
تأسست المنابر الحسينية التي اقترن اسمها مع الإمام الحسين في بيت رسول الله "صلوات الله وسلامه عليهم "، بعد ان اخبره جبرائيل مقتل حفيده السبط عند شاطى الفرات بأرض كربلاء، من ساعتها انتهج المنبر طقوسية الحزن والبكاء والرثاء مع الدمعة الساكبة وضرب الصدور وشق الجيود، واستمر هذا النهج وتطور بعد شهادة الإمام الحسين"عليه السلام " ، بحملة إعلامية كبرى نستطيع أن نصفها بالدولية، قادها كل من الإمام زين العابدين وسيدتنا زينب عليهما السلام .
كانت منابر عاشوراء تسعى لترسيخ العقيدة وبناؤها في النفوس فكانت هذه مشروعية البقاء والوجود ، فتعقد المنابر سراً وتأرخ في قلوب المحبين و الموالين لأهل البيت "عليهم السلام "، تحت تشدد أمني كبير بعيدا عن أعين السلاطين، وكانت حرياتهم محدودة في إقامة المجالس واعطتها بعض المماليك و الحكومات فسحة زمانية مؤقتة لممارسة الشعائر ، ليس حباً بهم وإنما لاستغلال مشروعهم للوصول للسلطة كحكومة بني العباس ، ولم يشهد تاریخ التشيع في القرون السابقة انفتاحاً وتحرراً لا محدوداً ليعبر الشيعة عن ألمهم وحزنهم حول فقدان سادتهم، كما شهدته التشيع الآن.
ما تقدم كان سبباً واضحا في انحسار وانزواء المنبر الحسيني ويكاد ان يكون ممتنعا في احيان كثيرة، وان وجد فإن التقية فيه شديدة، والتخوف على حياة المعزين هو من مقدمات المنبر، فيكون مكمماً والحديث فيه محدوداً، وبقى المنبر ينقل قصص الرثاء والألم بعيدا عن واجهة مواجهة السلطان.
الدمعة الحسينية أو قل العقيدة الحسينية هي من حفظت المذهب طيلة ١٤٤٤ عام،ولها الفضل والسهم الأكبر في نقل رسالة التشيع وأمن الموالين لأربعة عشر قرناً ونسميها المقاومة السياسية أو المقاومة الناعمة ، و الآن بعد التحرر والتمكن الشيعي والانفتاح العالمي الإعلامي الفضائي و الإلكتروني وبعد إنهيار حكومات الظلم في العراق(٢٠٠٣) وضعف انظمته في الخليج والعالم ، التقية أصبحت محدودة في أماكن ولا محل لها في أماكن أخرى بعد اعلان قوى التكفير الجهاد ضد شيعة العراق والشام ، وخاصة بعد فتيا الجـهـــــــــــاد الــكــفــائــــي (٢٠١٤) الصادرة من المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بسماحة السيد السيستاني "دامت بركاتة" والتي هي درس في الدفاع والمقاومة .
لكن وللأسف مع امتلاك الشيعة لاقوى منصة إعلامية وهي منصة كربلاء وفي زمان العرق والعلق واغاثة الملهوف وسقوط دماء الشيعة الزكية في أفغانستان ومصر وسوريا والبحرين واليمن والعراق، ما زال المنبر الحسيني يعاني الضعف في تدريس ثقافة المقاومة للوسط الشيعي خاصة وللمسلمين عامة ، وكأن ثقافة المقاومة خاصة بالجهة التي تحمل السلاح ، ومازال خجولاً يعاني تراكمات الحقب الماضية و تاثيرات بعض الجهات الرافضة لمشروع المقاومة والجهاد، التي منها تدعي التدين ومنها التمدن، تحت مسمى تسييس المنابر ومسمى صراع المحاور ومسميات كثيرة خارج مسار العقيدة، مع ان المقاومة الدفاعية والجهاد الدفاعي (لا الهجومية ) هو من متبنيات فقهاء المذهب في زمن غيبة المعصوم.
قال أبو عبدالله "عليه السلام" :- (ليعدن احدكم لخروج القائم ولو سهماً) وأقوى السهام في ايدينا هو سهم المنبر الحسيني ومشروعيته إلاهية، عاصمته كربلاء، ورسالته السماء ، التي يجب أن لا تقف عند نقطة ما، وان لا تنتهي عند حد ثقافة من الثقافات وان لا تهمل ثقافة السيف التي لا تنفك عن غطاء العقيدة .
العراق هو عاشوراء الإمام الحجة "عجل الله تعالى فرجه الشريف " وأول مجلس يبدأه فيه يطلقه من منبر كربلاء، بعد أن يضع وزر معارك الحجاز و الكوفة منطلقا منها بسلاح عاشوراء نحو مظلومي المسلمين والعالم .
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha