مازن الولائي ||
ليلة العاشر من محرم الحرام ١٤٤٤هجري
٢٠٢/٨/٩م
تتناثر الخيام في صحراء يلفها ظلام دامس وصمت مريب، عدى مشاعل تحيطها لطرد الهوام ورؤية من قد يتسلل، لكنها تتحد في لحظات الإنتظار وتتخيل ما قد تأتي به سويعات الفجر المفجع، أطفال ترتجف من الخوف ويخيفها كلام الأعداء وزمجرة معسكرهم المنتشي بحصار ثلة الاقمار، ونساء غدا تبدل احوالهن وتنزل بهن المصائب والويلات، وفجيع لا تتخيله العقول ولم يرد على فؤاد هاشمية قط. يوم يهمس به الأنصار لبعضهم البعض غدا لابد من الموت قبل الهواشم، فلا معنى للحياة ولو قليلة بعد حياة أبى الشهداء، وأصوات السيوف يعانقها الحجر ليشحذ اسنتها لتكون قاطعة قاسية على جماجم أعداء الحسين عليه السلام، وخيمة ابى الفضل سراجها لم ينطفئ وهو يتزود من وجه من تكفل بعمره لها، وهي تحاوره على مشهد خطته يد السماء، وصاغت قوانينه شريعة الحتوف، ليلة نقلها الرواي "كان لهم دوي كدوي النحل" بين راكع وساجد ومبتهل ومستعد لتقطيع كل ما ملكت جوانحه والجوارح، غدا يوم علينا أن نعيش تفاصيله الدقيقة، ولما تعالى صراخ الأنصار بقيادة حبيب يريدون الموت قبل آل الحسين عليه السلام، الموت الحتمي وليس القتال الذي يحمل نسبة نجاة! ليلة أنين، وثبات، وتوسل، وامنيات وفرحة وأستئناس كما يأنس الطفل بين محالب امه شوقا للمضي قبل سيدهم الحسين.. ولذا كانت تلك العبارة مملوءة "أن أصحابي خير الأصحاب"
نواة معسكر كان مراد كل مسرحها القاسي أن يكون درسا يدخل في تفاصيل حياتنا، وأن دائما نبحث عن من يشبه يزيد في التصرف والفكر، لنتصدى له ببصيرة وشخوص معسكر البصيرة، البصيرة التي ضحكت على عروض الأعداء لمثل العباس والقوم تهمس له بالأمان والمال والمنصب دونما يخدس قناعة العباس شيء من حطام الدنيا.
"البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه"
مقال آخر دمتم بنصر ..