كوثر العزاوي ||
إمرأة مسنّة موالية تترجم فجيعتها الفطروية بحركة عفوية مؤثرة أثناء حضورها في تجمّع لعرض مشهد تمثيلي لواقعة الطف أو مايسمّى عُرفًا في بلدنا ب{التشابيه} فقد شوهدت تلك المرأة المسنّة من ضمن الحضور في مايقارب الألف من شتى الفئآت العمرية وهي تتقدم زحفًا خطوة خطوة باتجاه المشهد التمثيلي الذي كان يستعرض مشهد جلوس الشمر لعنه الله على صدر المعصوم المظلوم ابي عبد الله الحسين "عليه السلام" ومع كل خطوة لها تفترش الأرض فتحثو التراب على رأسها ثم تلطم وجهها تارة وتشبك ذراعيها تارة اخرى صارخة { دعهُ ياملعون الله أكبر عليك}ثم تضرب أعلى ذراعيها مع نحيب يكاد لايُسمع منها سوى "أَوَيلاه ياسيدي" ومن ظريف الصدف أنّ مَن تقمّص شخصية "شمر" في ذلك العَرض هو أبن تلك المرأة المسنّة ونُقلَ أنها بعد علمِها بذلك أقسمت أن لاتدخل بيته ولاتراه مادامت حيّة!!
موضع الشاهد:
قطعًا أنّ مثل هذا الشعور والأنفعال والمنطلق من حقيقة الولاء والعشق لمولاها، لدرجة التبرؤ من إبنها!! والحال أنه خارج أسوار الحقيقة على نحو التمثيل!، ترى ماذا لو كانت هذه الروح الذائبة في إمامها في واقعة الطف ويوم كربلاء، هل تراها تختلف عن الحاضر!! فوالله إنّ مَثلَها مَثل "طوعة الكوفية" التي آوت "مسلم بن عقيل" في دارها دون حسابات لأيّ تبعة تلحقها، فضلًا عن براءتها من ولدها الموالي لطواغيت بني أمية إذ خشيت أن يدلّهم على مسلم بن عقيل وكانت تعلم مدى نذالة! فوقع المحذور رغما عنها "رضوان الله عليها" وقد جرى عليها ماجرى من الحبس والتنكيل على يد طاغوت الكوفة، وقيل في رواية أنها سُقيت السمّ فاستشهدت على أثر ذلك!
فمِن وجدان هذه المرأة البسيطة في حاضرنا ومِن ناصرة ابن عقيل ماضيًا، نستلهم درسًا بليغًا يجعلنا من الآن نحدّد موقفنا في أي معسكرٍ نكون مصداقًا عمليًا لمقولة المعصوم الإمام الصادق"عليه السّلام"
{ إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم ووليّ لمن والاكم وعدو لمن عاداكم} ولو كان إبني أو أي أحدٍ من أرحامي وأهل قرابتي!
١١-محرم ١٤٤٤هج
١٠-٨-٢٠٢٢م