علي الخالدي ||
العراق البلد الإسلامي متعدد المذاهب والأعراق والأديان،تعاقبت على حكمه مجموعة أنظمة، سمتها البارزة الظلم والجور ، مسيطر عليه من قبل عائلة أو عصابة واحدة ، ميالة في كل زمان للمكون والمذهب المخالف للتشيع ، مرتدية قميص الديمقراطية والحرية، فمنها تزينت بلباس الملكية ومنها لباس الرئاسة ومنها لباس التحررية ، والتي ليس لها أي تاريخ انقضاء محدد للحكم يكتب على غطاء النظام،إلى أن خلع اخر تلك الخرق البالية عام ٢٠٠٣، والذي كان نظاماً دكتاتورياً فاشياً بمعنى الكلمة ( نظام البعث ).
بعد تعايش الشعب العراقي بكل اطيافه المريرة جميع الأنظمة الهالكة، التي لم يرى منها غير القتل والتهجير وحرمان الحرية والسجون، قرر ان يختار نظامَ حكمٍ يبعد الضرر عنه ،ويقضي على شبح الإنقلابات ، يشترك فيه كل أطياف الشعب العراقي، غير ميالاً لمذهب أو مكون دون اخر، بعيداً عن سيطرة العوائل، يراعى فيه عدالة حقوق الأغلبية والاقلية.
وبعد صراع طويل مع قوات الاحتلال الأمريكية، التي كانت هي بديل النظام الهالك، تريد أن تضع نظام إجرامي بزينة ورونقة جديدة، بعنوان العراق الجديد، والعراق الحر والعراق الديمقراطي وغيرها من الأسماء ،والتي كان يقصد في هذه العناوين، عراقاً علمانياً والحادياً بلا دين وبلا هويته الأصيلة ، على قياس ومزاج دول الكفر، ولكن قيادة المرجعية الدينية العليا وطاعة الشعب العراقي تم افشال هذا المشروع وتم صياغة دستور جديد ونظام برلمان ينقضي كل اربع سنين يحدد أعضاءه الشعب، ويتم من خلال هذا البرلمان إخراج رئيس الجمهورية ثم رئيس الوزراء.
نستنج مما تقدم أسباب فشل اي مشروع يريد انهاء وجود البرلمان و الإنقلاب على النظام السياسي وكما يأتي :-
أولاً : ان هذا النظام البرلماني تراه المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة السيد السيستاني "دامت بركاتة "هو الاقل ضرراً على الشيعة و العراقيين، وما يهمها هو حفظ دمائهم وابعاد الخطر عنهم ،وقد جاء بجهودها المباركة، والذي وضع نفسه درعاً لمؤامرات دول الاستكبار العالمي، التي كان يقودها الجنرال الأمريكي بول بريمر في العراق{وهذا لا يعني رضا المرجعية على الساسة والنظام } .
ثانياً : ان هذا النظام خطته دماء الشيعة متحدية سيارات واحزمة الزرقاوي والقاعدة المفخخة، بعد ما أعطت سيل من الشهداء.
ثالثاً : تم اختيار النظام البرلماني بهذه الصورة ليبعد شبح الانقلابات، فالنظام موزع على ثلاث قوى شيعة وسنة وكورد، انهت فكرة أو حلم ان ينقلب المكون السني على الشيعة والكورد مثلاً، ويعود حكم الدكتاتور والمذهب والحزب والقائد الضرورة والرجل الأوحد .
رابعاً : أصبح للشيعة جيش وقوى مباركة، تخشاها قوى الداخل والخارج، هي رواسي أرض العراق وميزان الردع فيه ، متمثلة بالحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية.
خامساً : إذا وصل الاختلاف بين القوى و التيارات السياسية إلى صراع عسكري معلن، فإن كلمة المرجعية الدينية هي العليا وهي الكفيلة بإيقاف ذلك الصراع وحقن الدم الشيعي الطاهر وابعاد الضرر عنه الذي يتمناه أعداء ال محمد "صلوات الله وسلامه عليهم ".
سادسا : من يريد حل البرلمان وتغيير نوع النظام لا مانع فيه، من خلال الإطر الدستورية، التي كفلت ذلك سلمياً وعبر السياقات القانونية، فالبرلمان لا يمكن حله الا بنفسه، وان طلب رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية ذلك فلا يمكن إلا بموافقة اغلب أعضاءه، والقضاء للفصل وحل النازع وليس لإسقاط السلطات .
أكثر جهة مستفيدة من انهاء البرلمان هي قوى الاحتلال الأمريكي وعملائها في العراق، فهي تسعى لنقل الحكم من القوى و المكون الرافض للاحتلال والتطبيع لقوى مؤيدة لذلك(بعد اغراق البلد بحرب أهلية لا تخرج منها إلا بعد هلاكها، مستغلة صراعها لتصفية الرموز الدينية والجهادية) قوى تحلم بعودة الدكتاتورية والحماية الأمريكية، وهذا حلم الشيطان الأكبر، ليس اليوم بل منذ تأسيس النظام الحالي ولكن لم تسنح لها الفرصة، بسبب يقضت القوى العلوية (المرجعية الدينية والحشد الشعبي )التي انقضت على مشاريع الإنقلاب الناعمة و الصلبة .