المقالات

رسالة الامام الحسین الى زعماء البصرة وموقفهم منها

1481 2022-08-11

إياد الإمارة ||

 

ذكر المؤرخون أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) -بعد أن قرّر التوجّه إلى العراق- بعث رسالة إلى زعماء البصرة جاء فيها:

"أمّا بعد، فإنّ الله اصطفى محمّداً (صلّى الله عليه وآله) من خلقه، وأكرمه بنبوّته، واختاره لرسالته، ثمّ قبضه إليه، وقد نصح لعباده، وبلّغ ما اُرسل به، وكنّا أهلَه وأولياءه، وأوصياءه وورثته، وأحقَّ الناس بمقامه، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنّا أحقُّ بذلك الحقّ المستحقّ علينا ممّن تولاّه، وقد بعثتُ رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه؛ فإنّ السنّة قد أُميتت، والبدعة قد أُحييت، فإنْ تسمعوا قولي أهدكم إلى سبيل الرشاد".

وقد بعث (عليه السّلام) عدّة نسخ من هذه الرسالة إلى كلّ من:

١. مالك بن مسمع البكري.

٢. والأحنفِ بن قيس.

٣. والمنذر بن الجارود.

٤. ومسعود بن عمرو.

٥. وقيس بن الهيثم.

٦. وعمرو بن عبيد بن معمر.

٧. و "يزيد بن مسعود النهشلي" الذي رد على رسالة الإمام عليه السلام ملبياً الدعوة في تفصيل سنبينه الآن.

وأرسل الإمام (عليه السّلام) النسخ مع مولىً له يُقال له:

 (سليمان أبو رزين)

ولم يُجب على رسالة الإمام (عليه السّلام) غيرُ

١. الأحنف بن قيس.

٢. ويزيد بن مسعود.

 أمّا المنذر بن الجارود فقد سلّم رسول الحسين عليه السلام إلى ابن زياد -وكان حينها والياً على البصرة- فصلبه عشية الليلة التي خرج في صبيحتها إلى الكوفة، وكانت ابنة المنذر زوجة ابن زياد فزعم المنذر أنّه كان يخشى أن يكون الرّسول مدسوساً من ابن زياد لكشف نواياه.

أولاً/ جواب الأحنف بن قيس

وأمّا الأحنف بن قيس -وهو أحد زعماء البصرة- فقد أجاب على رسالة الإمام (عليه السّلام) برسالة كتب فيها هذه الآية الكريمة، ولم يزد عليها:﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾.

وهذا الجواب يعكس مدى تخاذله وتقاعسه في مواجهة الظلم والمنكر.

ثانيا/ جواب يزيد بن مسعود النهشلي

واستجاب الزعيم الكبير يزيد بن مسعود النهشلي إلى تلبية نداء الحقّ، فاندفع بوحي من إيمانه وعقيدته إلى نصرة الإمام، فعقد مؤتمراً عامّاً دعا فيه القبائل الموالية له، وهي:

١. بنو تميم.

٢. بنو حنظلة.

٣. بنو سعد.

وانبرى فيهم خطيباً فكان ممّا قال:

إنَّ معاوية مات، فأهونْ به واللهِ هالكاً ومفقوداً، ألا إنّه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وكان قد أحدث بيعة عقد بها أمراً ظنّ أنّه قد أحكمه، وهيهات الذي أراد! اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام يزيد شارب الخمور ورأس الفجور يدّعي الخلافة للمسلمين، ويتأمرّ عليهم بغير رضىً منهم مع قصر حلم وقلّة علم، لا يعرف من الحقّ موطأ قدميه، فأُقسم بالله قسماً مبروراً لَجِهادُه على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن عليّ وابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذو الشّرف الأصيل، والرأي الأثيل. له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف. وهو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنّه، وقِدمه وقرابته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يعطف على الصغير، ويُحسن إلى الكبير، فأكرم به راعي رعية، وإمام قوم وجبت لله به الحجّة، وبلغت به الموعظة. فلا تعشوا عن نور الحقّ، ولا تسكعوا في وهد الباطل... والله لا يُقصِّر أحدكم عن نصرته إلاّ أورثه الله الذلّ في ولده، والقلّة في عشيرته، وها أنا قد لَبَسْتُ للحرب لامَتها، وادَّرَعْتُ لها بِدِرْعِها. مَنْ لم يُقْتَلْ يَمُتْ، ومَنْ يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم الله ردّ الجواب».

ولما أنهى النهشلي خطابه انبرى وجهاء القبائل فأظهروا الدعم الكامل له، فرفع النهشلي رسالة للإمام (عليه السّلام) دلّت على شرفه ونبله، وهذا نصّها:

 «أمّا بعد، فقد وصل إليَّ كتابك، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظّي من طاعتك، والفوز بنصيبي من نصرتك، وإنّ الله لم يخلُ الأرض قطّ من عامل عليها بخير، ودليل على سبيل نجاة، وأنتم حجّة الله على خلقه، ووديعتُه في أرضه، تفرّعتم من زيتونة أحمدية، هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر؛ فقد ذلّلت لك أعناق بني تميم، وتركتهم أشدّ تتابعاً في طاعتك من الإبل الضمأى لورود الماء يوم خمسها، وقد ذلّلت لك رقاب بني سعد، وغسلت درن قلوبها بماء سحابة مزن حين استهلّ برقُها فلمع».

يقول بعض المؤرّخين: إنّ الرسالة انتهت إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) في اليوم العاشر من المحرّم بعد مقتل أصحابه وأهل بيته، وهو وحيد فريد قد أحاطت به القوى الغادرة، فلمّا قرأ الرسالة قال (عليه السّلام):

"آمنك الله من الخوف، وأرواك يوم العطش الأكبر".

ولما تجهّز ابن مسعود لنصرة الإمام بلغه قتله فَجَزع لذلك، وذابت فسه أسىً وحسرات على شهادة إمامنا الحسين عليه السلام.

 

البصرة مدينة أهل البيت عليهم السلام

١١ محرم الحرام ١٤٤٤

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك