مها خليل اللامي ||
يلجأ الكثير من المعنيين بالأمر إلى استخدام خِطاب التوبيخ بقصد التشجيع !
يكون ذلك من خلال استعمال كلمات تحمل نوع من الشدة أو القساوة التي من شأنها أن تُثير أمور نفسية في ذات سامعها خارجة عن السيطرة وغير محمودة النتائج . و لوحظ ذلك داخل الأوساط الأكاديمية منها التربوية و التعليمية وحتى على مستوى الأسر داخل البيوتات بشكلٍ كبير .
وعلى سبيل المثال لو وجه خطاب لتلميذ بالشكل الآتي : ( أنتَ لن تنجح طالما تتهاون في مذاكرتك ) هذه الكلمات التي قد يعبر بها المُخاطِب بقصدِ حث المُخاطَب وتشجيعهُ على الإلتزام بالمذاكرة و من باب الحرص وظنًا منه على أن بإمكانه إحداث تغيير بواسطة هذا الأسلوب! الواقع أن بإمكانها أن تحملُ عبئًا وتؤثر خدشًا في نفس المخاطَب ، إذْ يبقى يصارع هذه الكلمات في عقلهِ لإثبات عكس ما وجه له من خطاب ، وهذه العملية تحدثُ ضررًا دماغيًا وقبلهُ نفسيًا ، مما تشغل العقل بأمورٍ أخرى تجعله يفقد السيطرة على هدفه الأول ؛ لأن عقلهُ الباطن تلقى مسبقًا هذا الخطاب واقنعه بشكلٍ ديناميكي بالعمل على تحدي ما وجه له و ليس هذا هو مطلوب .
فلو استبدلنا : ( أنتَ لن تنجح طالما تتهاون في مذاكرتك ) ب ( مؤكد أنك ستنجح طالما لن تتهاون بمذاكرتك ، و أنتَ أهلٌ للنجاح ) فسيكون الأمر مختلف تمامًا عما سبق ؛ إذْ أنَّ التفوه بمثل هذه العبارات التشجيعية بإمكانه أنّ يصنع حتى من الشخص اللامبالي و الغير مسؤول والكسول شخصًا ناجحًا ! حيث أن بإمكان العقل الباطن تصديق هذه العبارة ومثيلاتها ! و بالتالي سيبرمج عمله وفق ما تلقاه وستنعكس هذه العملية على نفس المتلقي وسيعمل بجهد ليَّصْدُق ما قيل فيه، عندها سيحدد الهدف ويبلغ منشوده بأقصر وقت و أفضل الطرق و أقلها تعثرًا مما يعطي نتيجة مغايرة لما سبق .
من هنا تأكدنا أن له وقع وأثر نفسي لمتلقيه . وعليه من الأنسب اختيار الألفاظ الأكثر تعزيزًا للثقة بالنفس ، فيشعره ذلك بالإطمئنان ويدفعه للتوجه الصحيح من أجل التخطيط و العمل للوصول للمراتب المنشودة .
لذا اقتضى الأمر الانتباه ؛ لأن من شأن هذا الخطاب قتل روح الإبداع داخل الفرد و كتمان مواهبه الفطرية وعدم استخدامها و تدريبها خوفًا من الوقوع بما قيل له .
إن للكلماتِ تأثير مدمر أكثر من أي سلاح فتاك إذا ما استخدمت بطريقة بناءة دون أن تترك وشمها على قلوب الآخرين الوشم الذي لا يمكن إزالته بأحدث الأجهزة ولو أنزيل فأنه سيترك تشوهًا أبديًا .
فمن أبي عبد الله الحسين عليه السلام نستلهم العِبر و الدروس ونحن في أيام مصابه العظيم
من واجبنا أن نستذكر ما قاله مولانا بشأن الكلمة
عندما طلب الوليد بن عتبة بن أبي سفيان
«حاكم المدينة المنورة» الإمام الحسين (عليه السلام) بأن يبايع يزيد لعنة الله عليه
إذ قال مخاطباً الإمام الحسين (عليه السلام) : نحن لا نطلب إلا كلمة..
فلتقل بايعت… واذهب بسلام لجموعِ الفقراء.
فلتقلها واذهب يا ابن رسول الله حقنًا للدماء..
فلتقلها ما أيسرها، إن هي إلا كلمة…
فرد عليه الإمام الحسين (عليه السلام ) : كبرت الكلمة…
وهل البيعة إلا كلمة !
ما دين المرء سوى كلمة
ما شرف الرجل سوى كلمة
ما شرف الله سوى كلمة
أتعرف ما معنى الكلمة؟
مفتاح الجنة فى كلمة
دخول النار على كلمة
وقضاء الله هو كلمة
الكلمة نور
وبعض الكلمات قبور
وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري..
الكلمة فرقان بين نبي وبغي..
بالكلمة تنكشف الغمة..
الكلمة نور..
ودليل تتبعه الأمة..
عيسى ماكان سوى كلمة.
أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين فساروا يهدون العالم..
الكلمة زلزلت الظالم..
الكلمة حصن الحرية..
إن الكلمة مسؤولية..
إن الرجل هو كلمة..
شرف الله هو الكلمة.
على المسؤولين عن الأمر أن يكونوا على و عيّ تام بما يخرج من أفواههم فهم قدوة غيرهم ، و نبراس طريق الأجيال التي منها تُبنى البلدان و بهم تُعمر الأرض .
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha