علي الكناني ||
نستلهم مع إطلالة ثورة محرم الحرام التي قام بها الإمام الحسين عليه السلام دروساً وعبراً كثيرة، ومن أعظم تلك الدروس موضوعة "الوحدة" فوحدة الموضوع ظاهرة للعيان، جلية للقاصي والداني ما يفعله الناس من خدمةٍ وعشقٍ حسيني في إقامة مجالس عزاء الإمام سلام الله عليه في كل مكان وفي كل وقت وزمان، مع اختلاف توجهاتهم ومشاربهم ولغاتهم.
والملاحظ أن الإمام الحسين عليه السلام هو الراعي الرسمي لتلك المجالس بدخول حبه إلى القلوب وكيف لا.. والرسول الأعظم محمد "صلى الله عليه وآله" هو القائل بحقه "حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط".
والسؤال هنا لو كان هذا التوجه والتوحيد الحسيني تحت عنوان "ظهور مهدينا.. ثورة قوامها وأساسها الوحدة"، فمن الذي يقوم بقيادة عمـــــلية التمهيد؟ إذا كانت عملية التمهيد عملية جماعية فهي تحتاج إلى أجهزة كما تحـــــتاج أفراداً، وهي بما أنها مشروع جماعي تفرض وحدة، والوحدة تفترض قيادة موحدة.
ولننـــظر ما يقوله التوقيع الشريف "لو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من الـقلوب في الوفاء بالعهد علـــــيهم لما تأخر عنـــــهم اليمن بلقائنا" المصدر كتاب التهذيب للشيخ الطوسي ج1 ص39.
إذاً نشاهد أن "التوقيع الشريف" يتحدث عن شروط الظهور وهو إجتماع القلوب وهو عيــــن معـــنى الوحدة والإجــتماع وقوام الوحدة والوفاء بالعهد للإمام المهدي عليه السلام، أي إجتــماع على قضية المهدي عليه السلام.
هنا يجب أن ننتبه أن الإنتــماء العقائدي
لا يكفي لتحقق الظهور، لأنه لو كان هو الشرط لكان الخروج من زمن قديم بل أن الوحدة والإجتماع هما في إطار العمل وصب الجهد في مشروع التمهيد لا بشكل عشـــوائي بل بشـــــكل منظم له قيادة ولــــه نظام فمن هو قائد هذه الحركة وهذا النظام؟ الجواب "أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا" المصدر كتاب شرح اصول الكافي لمؤلفه محمد صالح المازندراني ج10 ص99.
إذاً القائد لحركة الممهديين هــــو الفقيه، والفقيه هو القائد لهذه الحركة الجماعية الموحــــدة التوّاقة إلى الإمام المهدي عليه السلام، وهو الذي يقوم برعاية الجماعات والأفراد والأجهزة والمؤسسات التــي تعمل على التهيئة لإستقبال واستقدام الإمام من غيبته بما يحتاج اليه مــن أفراد وأجهزة ومؤسسات ذوي كفاءة ومهارات وجهوزية للشروع في الحركة الإصلاحية للعالم تحت لواء الإمام عجل الله تعالى فرجه.
والسؤال الآخر هو أنه كيف يتم بناء وإدارة دولة العــدل الإلهي على كل الأرض؟ والجواب واضح هنا في رواية الإمام الرضا عليه السلام ويكفي أن تقرأ الرواية الواردة عن الإمام الرضا عليه السلام في حق العلماء "لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب، لما بقى أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل" المصدر كتاب الإحتجاج للشيخ الطبرسي ج1 ص9، لاحظ إشارة الرواية إلى قيادة هؤلاء حيث شبههم الأمام الرضا عليه السلام بربّان السفينة.
والخلاصة أنه يجب أن تكون لنا مساحة علمية بتفهم هذه الحقيقة، فكما جمعنا الإمام الحسين عليه السلام بوحدة قلوبنا.. لا بد العمل بإخلاص بإجتماع قلوبنا تمهيدا لمن من قيل بحقه "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية".