إيمان عبد الرحمن الدشتي ||
أرسى الإمام الحسين عليه السلام قواعد رفض الذلة والخنوع للظالمين؛ حين نهض بمشروع دولة العدل في العاشر من المحرم عام ٦١ للهجرة، فقدم تضحياته ودمه الطاهر فداء لذلك، ليوقد مشعل الحرية في نفوس الأحرار وعلى مدى الأزمان، فنال بذلك نصرا عقائديا رساليا إنسانيا معنويا، وإن القائم المهدي أرواحنا فداه سينطلق بتشييد تلك الدولة والمضي بذلك المشروع في ذات العاشر من عام قيامه المبارك، فهل لهذا التوافق أسباب أم هو محض صدفة؟!
الأمة التي تتخلى عن قيمها ومبادئها وتخضع للجور ستكون مرتعا للتسافل والإنحدار، فيكون لزاما على داعي الحق أن يصول فيها ناصحا، ومحاربا لدعامة الإنحراف وقواه، وهذا ما قام به أبو الأحرار الإمام الحسين عليه السلام في أمة جده حينما ظهر فيها الإعوجاج بتسلط "الشجرة الملعونة" آل أمية على الخلافة، وتنصيبهم ليزيد المستبيح للحرمات خليفة للمسلمين.
الإمام الحسين عليه السلام لم يخفى عليه غياب التكافؤ العسكري ميدانيا حتى خاض معركة عنوانها "مثلي لا يبايع مثله" بل هو يعلم علم اليقين بما "شاء الله أن يراني قتيلا ويراهن سبايا" أن آية مظلوميته وغصة سبي حرائره ستكون الثورة التي تعتلج في صدور العالمين، ويعلو بريقها ظُلَمَ المستكبرين عاما بعد عام لينير بصائر الأحرار، ولتبقى مفاهيمها تقض مضاجع الحكومات المستبدة.
مقولة الحسين عليه السلام (اللهم إن كنت حبست عنا النصر، فاجعله لما هو خير منه، وانتقم لنا من الظالمين) قد آتت أُكُلها، إذ لم تلق قضية من الصد والمنع والعداء من قبل المستكبرين كما لاقت القضية الحسينية وهي رغم ذلك تزداد فورتها عاما بعد آخر، وتترسخ مفاهيمها عند كل الشعوب، وتحيا شعائرها لتعبىء لثورة كبرى تسجل إنتصارا مدّخرا للحسين عليه السلام على يد حفيده القائم المهدي عجل الله فرجه، وفي يوم عاشورائه لتثبت للعالم أجمع أن القيام المهدوي هو إستكمال للمشروع الحسيني.
متوهم من يرى القضية المهدوية بمعزل عن القضية الحسينية، فالمبادىء والأهداف ذاتها في كلتا القضيتين، وإن النصر الحسيني المعنوي هو تمهيد وتعبئة للنصر المهدوي بإقامته لدولة العدل الإلهي، ومن يتأسف على مضي زمان الجهاد بين يدي الحسين عليه السلام ويردد: (يا ليتنا كنا معكم) فليعلم أن إمام زماننا الذي بتنا نعيش إرهاصات ظهوره الشريف سينهض بنفس القضية، وبإمكانه أن يؤدي معه نفس الدور الذي لم يدركه في عاشوراء الحسين عليه السلام.