سلمى الزيدي.||
حادثة ليست كباقي الحادثات..!
فرحة عيـدٍ بعد أيامٍ سبات..!
كــ (الماس) الثمين بين صخرٍ عتيــد..!
كآخر مشهدٍ إستبشره قبل مصرعهِ الشهيــد..!
كرائحة المطـر فوق تراب سواتر المنتصريــن..!
حادثـة اشترك بإعجازها ثلاث.. الله ، والمجاهد ، والحسيــن..!
حين رواها المقاوم ما رمشت عيناه! وكذلك أنا والحاضريــن..!
الخير في خيارات الله لا يد لنا فيها بعد التوكل عليه..
(وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) خسفت عروش الظالميــن..!
المكان: طريق كربلاء النجف
التأريخ: كانون الأول عام 2006
كان هناك خمس رفاقٍ سرت بداخلهم روح المقاومة إيماناَ منهم وعرفاناٍ بالدفاع عن (ارضهم وعرضهم ودينهم) ضدَّ الاحتلال، (الشيطان الأكبر) كما أنبتها برأسهم مرجعهم سيد العارفين..كانوا فيما بينهم متعاونين (أشداء على الكفار رحماءٌ بينهم)، منهم من رحل شهيداً ختمت له ثواباً بقرآن أعماله، برضوانٍ من الله فنقلت روحه القصة إلى الشهداءِ أقرانه، باركت له الملائكة وأهل الجنة أجمعين..
أنقل القصة على لسان أحد المجاهدين:
لم نكن نملك غير أدواتٍ وأجهزة بسيطة جداً وسيارة واحدة، كل واحدٍ منا كانت له مهمة خاصة كنا نرصد تحركات العدو عند مروره على طريق (كربلاء) وتحديداً منطقة ( خان النص)، اخترنا هذا المكان كونه هادئ والناس فيه فقراء ومسالمين (فلاحين)..
في منتصف شهر كانون الاول كان البرد والليل يكيد بنا كيداً! لكن حرارة الثأر أذابت جليد الفصول! قمنا بزرع (العبوة) على الطريق وانتظرنا للصباح لحين مرور (الرتل الامريكي) كالعادة في الساعة الـ 8:00 يعبرون من هذا الطريق، كل يومين او ثلاثة أيام، وكنا نرابط كل يوم ونترقب! وفعلاً جاءوا لكنا أوقفنا العملية وذلك لوجود مواطنين أبرياء(فلاحين) بالقرب من المكان، مرة ومرتين وثلاثة لم نقحم أبناء بلدنا حفاظاً على أرواحهم وما فرطنا بدمائهم لأجل ثلة من الظالمين، بعد ذلك اخترنا مكان (الجزرة الوسطية) وفي وقت انقطاع التيار الكهربائي ليلاً ذهبنا للمكان وسبحان الله عند وصولنا جاء التيار الكهربائي! فرجعنا لمكاننا نترقب...
في اليوم التالي صارت الفرصة مناسبة لوضع (العبوة) وبالفعل زرعناها ولكنها للأسف لم تعمل،مرة ومرتين أخذناها بالقرب من مستنقعٍ مهجور لفحصها توصلنا للسبب وهو من (جهاز الإرسال) حيث كان لا يرسل أشارة عندما تكون نوافذ (السيارة) مغلقة!
رجعنا مرة أخرى ووضعناها بعد معاناة وتعب وبعد انتظار الرتل والترصد المستمر يوم ويومين وثلاثة ولم يأتوا للمكان، قررت مع الأخوة أن نغير الطريق والمكان ونتخذ طريق آخر يمرون به، وفعلاً وضعناها وانتظرنا طويلاً فجاءوا سبحان الله الى نفس المكان الذي كنا فيه بالأمس!! حتى فقدت أعصابي حينها وقلت"هذوله لو شوافين لو ياخذون استخارة ما يصير هيج" وقلت لأصدقائي أخواني المشكلة ليست بالعبوة يجب أن نصلح أنفسنا نحن لسنا ( صالحين كفاية) لذلك لم يوفقنا الله لهذا النصر!!
((بأي وجه تقابل المختار يا كيان!!أي ذنب ارتكبت حتى لم يوفقك الله لهذا النصر))
هكذا كلم ( أبا عمرة) نفسه حين فشلت محاولاته لقتل (حرملة)10 مرات!!
حين وصلت رسالته للمختار قال له: ((نهج الأمام علي ع مستمر وباقي سواءً كُنا في ركبهِ أم لم نَكن))(( التشكيك في حقانية الهدف أمرٌ جيد ما لم ينتهي بالكفر يا أخي))..
تواصلنا مع احد الصالحين واختار لنا أن نأخذ اسبوع نعتكف به مع الله وأنفسنا وان نصوم ونصلي لأجل التوفيق، وبالفعل ذهبنا فجر اليوم التالي الى زيارة (الحسين ع) وكنا صائمين حين دخلت على الأمام قلت بنص العبارة " ابا عبد الله مروتك احنا ناس محافظات فقرة ذوله اهل بغداد يضحكون علينه هاي العبوة تشغلها كون وبقت يمك يا مولاي انت تدري شكثر جاي نتعب"
خلص الاسبوع بين صلاة وصوم وزيارة وقررنا بعدها تحويل العملية الى مكان وطريق آخر قليلاً ما يتواجد فيه الناس، ولكن كنا نعاني من مشكلة وجود (السيطرات) بالقرب منا لذلك كان يصعب علينا التحرك، ففكرنا بخطة.. وهو عمل ساتر معين اشترينا مادة (البنزين) من اشخاص بمقدار( 3 جلكانات) كان سعر الواحد (10,000 عشرة الاف دينار) ونزلنا للمكان أوقفنا سيارتنا صرنا نبيع البنزين بسعر (13,000 ثلاثة عشر ألف دينار) حتى لا يشتري أحد منا وبالتالي نستغل أكبر وقت لزرع (العبوة)!!
من المواقف اللطيفة جاء رجل كبير في السن وأراد الشراء لكن لم يخدمه السعر فقلت له" حجي ذاك هناك الولد يبيع على عشرة الاف وبانزينه احسن مني وارخص نصيحة روح اشتري منه" فقال لا والله سأشتري منك لأمانتك وصدقك!!!
بقينا على هذا الحال ثلاثة وأربعة أيام الى أن جاء الرصد فانتظرنا الى صباح اليوم التالي في الساعة الـ 8:00 تأخر مرورهم بالعادة لا يتأخرون هكذا! صارت الساعة الــ9 فجاءنا الخبر بتوجههم تأهبنا وقلت لزملائي هذه العملية تأخرت وأخذت منا 40 يوماً!لذلك لا يهم على أي ( همر) سننفذها ولا يهم أن نركز بالتصوير، نريد العملية ان تتم فقط ونستبشر خيراً..
فعلاً جاء الرتل وكان يوم الخميس فسرنا خلفهم، مرت أول واحدة من سياراتهم والثانية والثالثة فتحنا جميع نوافذ السيارة واخرجت يدي من النافذة ورددنا معاً( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فتمت العملية والحمد لله، استنشقنا بعد ذلك الصعداء، لكن المفارقة العجيبة كانت هذه العملية نوعية بأعجاز وتوفيق ألهي عظيم عن كل تأخير، استهدفت هذه الضربة أحد اكبر الجنرالات في أمريكا!! كان ( جنرال مسؤول عن عمليات الفرات الأوسط وأول يوم له في العراق جاء ليستطلع المكان حينها ليستلم عمله) سبحان الله والحمد لله .
تناولت القنوات الاخبارية التصريحات الخاصة بالرئيس الأمريكي وقتها، حتى أعترف العدو بأن هذه العملية خطيرة ودقيقة جداً وبدأوا يشكون بأختراقهم من قبل عملاء في قواعدهم يرسلون الاحداثيات والأولويات للطرف الآخر بنظرهم..
ولا يعلمون أن تأخير التوقيتات جاء بأمر من الله وصاحب الأمر (( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب))