لمى يعرب محمد ||
يذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار، الجزء(32)ص 142-143، لما قضت عائشة حجها وتوجهت إلى المدينة، استقبلها ابن أم كلاب فسألته عن المدينة وأهلها، فقال قتل عثمان، فقالت:فما فعلوا، قال:بايعوا عليا بن أبي طالب(ع)، قالت:ليت السماء سقطت على الأرض، ولم أسمع منك ذلك، والله لقد قتل عثمان مظلوما ولأطلبن بثأره، فقال عبيد: أما كنت تثنين على علي (ع)، وتقولين: ما على وجه الأرض أحد أكرم على الله من علي بن أبي طالب (ع)، فما بدا لك إذ لم ترضِ بإمامته؟! وأما كنت تحرضين الناس على قتل (عثمان) وتقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر، فقالت عائشة: قد كنت قلته ولكني علمته خيرا، فرجعت عن قولي وقد استتابوه فتاب وغفر له!!.
من بعد مقتل عثمان، تم تداول مفهوم خطير لعقود طويلة من الزمن، وهو (قميص عثمان) ومن غير المعروف كيف انتقل قميص عثمان الملطخ بالدماء، بعد قتله من المدينة إلى الشام، فأعلن معاوية المطالبة بدم عثمان، وهو الشعار الذي استمال به أهل الشام، حيث وضع معاوية القميص على المنبر، وندب الناس إلى الأخذ بهذا الثار والدم وصاحبه، فتباكى الناس حول المنبر، وجعل القميص يرفع تارة ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله سنة، وقام في الناس معاوية وهو “ولي دم عثمان“، كونه من بني أمية وجماعة من الصحابة معه يحرضون الناس على المطالبة بدم عثمان، ممن قتله من الخوارج.
ومن يومها عرفت عبارة (قميص عثمان)، وبقيت متعلقة بمصير امة إلى يومنا هذا، وأصبحت رمزية بين مفترق طرق، تكسب شرعية أو تسقطها، خصوصا بعصر الحداثة وعصر زخم الجماهير، والذي يعتبر تطورا هاما في الحياة السياسية، فقد اختلفت اليوم الشرعية بمفهومها اللغوي عما تعودنا عليه من مصطلحات كلاسيكية قديمة، تحيط بمفهوم الشرعية وتلازمه، وغدت الشرعية ذات أثقاب ومشابهة للمشبك تمر من خلالها الشرعية المسيرة، يستغلها محترفو السياسة للتصرف والعمل على تمرير مصالحهم، متغاضون عن التناقض الصارخ بين الشرعية القديمة المتعارف عليها والحديثة.