المهندس الاستشاري زكي الساعدي ||
الدولة الرخوة (Soft state)
ان أول من استخدم هذا المصطلح هو الاقتصادي السويدي "جونار ميردال"، ويقصد به الدولة التي تضع القوانين ولا تطبقها .حيث ان ابرز ملامح الدولة الرخوة هو تراجع الدولة عن وظائفها التقليدية،وتضاءل مكانة مؤسساتها ويصبح كل شيء خاضع للمفاوضة والمساومة وسيطرة المال على اغلب مفاصلها المهمة .
ومن نتاجات الدولة الرخوة الخطوات العملية في تضخم التشريعات المُعيبة المعيقة لروح التشريع الذي يُفترض بها ان تشرع لتنمية المجتمع وتطوره الثقافي، الاجتماعي ، الاقتصادي، الصناعي ، الصحي….
وما ان ظهر مصطلحي المحسوبية والفساد واندمجا فسنكون امام قوى شر عظمى لا تكسر وسيقابلها تضخم المؤسسات وضعف التشريعات وشكلية وجدلية القوانين .
اي ان القوانين ستكون ورقية ديكورية عندها يجب ان تعلم بانك تعيش في دولة رخوة من الجنس الثالث.. اي دولة هجينة.
عندما يؤجر عليك رصيف الشارع وعندما تشتري الوظيفة من هرم المؤسسة وعندما لايكون للمسؤول سلطة على الموظفين لان بعض موظفيه يشعر بانه قادر على رشوة المدير او شرائه او باستطاعته اخافته ستكون بذلك المؤسسة دون اي انتاج لانها بلا قيادة حقيقية ..
عندما تسمع ان اعلى سلطة بالبلد ممكن ان تباع وتشترى وان متوليها ممكن ان يكون مغتلس ومرتشي ولاتوجد محاسبة رادعة لان من يحاسب هو يخضع للاليات نفسها اعلم انك سائر نحو مصير مجهول ..
عندما ترى ان المستقبل يقوده من بيده السلاح والمال ويدار ممن لايمتلك ثقافة او رؤيا قيادية عندها سترى التخبط هو من يتسيد المشهد .
عندما يمارس الديمقراطية العبيد بكل صورهم سينتخبون سيدهم بلا ادنى شك وبالتالي فان احكام السيد على عبيده ستسري على الجميع ..
وعندما تكون الديمقراطية متاحة للسارقين والقتلة فان افضل من يمثلهم وينقذهم من السجن هو زعيم المافيا .
وعندما تكون الديمقراطية لمن يبيع نفسه او ضميره مقابل دراهم معدودات فبالتالي ان مشتري الضمائر والذمم اسوئهم هو من يربح من الديمقراطية العشوائية ..
واذا ما مورست الديمقراطية بين الاغبياء فلن تنتج الا قائد ذو فكر مشوه .
اذا عزفت النخبة واهل العلم والمعرفة عن المشاركة في التغيير الديموقراطي فانهم سيتركون المستقبل لمن لا يمثلهم
واذا استمر القاصي والداني ممن لديه السوابق والجنح والسارق والقاتل والمغتلس والمبتز بالمشاركة في انتخاب من سيقود الدولة وهو مستمر ببيع صوته فالشعوب حديثة العهد بالديمقراطية ستكون امام دولة رخوة مصانعها معطلة شوارعها مظلمة ومستشفياتها تحتاج الى علاج ونظامها السياسي يحتاج الى عملية استئصال وبنيتها التحتية تحتاج الى الردم لا البناء لان اساساتها مائلة ولن تتحمل الاصلاح .
ان لم يكن لدينا ارادة بالشروع في تقنين الديمقرواطية واقصاء المجرمين من الانتخاب وتقرير المصير فان ما بعد الدولة الرخوة سنعيش عصر اللادولة
ستنهار العملة بعد انهيار او تدني وارداتها الاحادية المصدر سيسرح الموظفين من اعمالهم وستغزوها العصابات ما ان يكون القانون مباع لزعماء العصابة وسيعتدي عليها جيرانها وستكون مرتعا للغريب وسجنا لاهل الدار … تلك مواصفات الدولة الرخوة التي يهدد شبحها الدول العربية حديثة العهد في الديمقراطية بعد الربيع العربي بالنكهة الغربية ..
ميسان /ايلول ٢٠٢٢
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha