علي حسين الاشرفي||
الوطنية: هي الملاذ الأخير لكل نذل، كما عرفها الكاتب الإنجليزي الشهير، صامويل جونسون، وكلامه هذا لمن بالغ بالوطنية، وجعلها قبل الدين، والشرف.
يقول سيد الشهداء، الإمام الحسين ( عليه السلام ): ( الموت أولى من ركوب العارِ، والعار أولى من دخول النارِ )
الثائر الأول والقائد المصلح الحقيقي، الإمام الحسين ( عليه السلام ) أعطانا درسًا، عظيمًا، بالأولويات.
الأولى بنا أولًا، أن لا ندخل النار، وأن نلتزم حرفيًا بتعاليم ديننا، فالإمام قد جعلها في المرحلة الأخيرة ولم يجعل شيء أهم منها.
الأولوية الثانية، هي العار! وإن كانت حياتنا في قباله، فمهما كانت حياتنا غالية، إلا إنها ستكون رخيصة في حال جعلها خيارًا ثانيًا، مع الكرامة، فنصيحة الإمام عليه السلام، هي أن نختار الموت بكرامة، أفضل من الحياة التي يرافقها العار، وفي كل الأحوال الحياة فانية، وكل إمرء وإن طالتْ سلامته، يومًا على آلة حدباء محمولُ، فما دامت الحياة فانية، وكلنا سنغادرها في يوم ما، فيجب أن نغادر بكرامتنا، وبطريقة تجعلنا فخورين عندما نقف بين يدي البارئ ( عز وجل ).
الإمام عليه السلام، قدم الدين أولًا، والكرامة ثانيًا، لكنه لم يذكر الوطن، أو يقدمه على الدين، والكرامة.
لكننا نجد من يتبجح بالوطنية، وبالخصوص الوطنية المعوقة، فنجده جاحدًا لربه، غير ملتزمًا بتعاليم دينه، مبتزًا للمسؤولين ومدراء الدوائر، الأمر الذي سلبه كرامته، لأنه يبتزهم بماذا؟
أغلب ( الوتنيين ) يدعون المسؤولين، على ليالٍ حمراء، ليقدموا لهم المسكرات، والجواري، وليأخذ ( الوتني ) دور ( القوّاد )، ومن بعدها يقوم بتصويرهم فيديويًا، الأمر الذي سيدر عليه الكثير من السحت، فهنا الوتني قد ذهبت كرامته، مع أول كأس إحتساه المسؤول، وإن فشلت هذه الطريقة فسيلجأ إلى إبتزازه بتأجيج الشارع عليه، ويقوم بإخراج مجموعة من الشباب المساكين، للمطالبة بإقالة المسؤول الفلاني.
هل هذه الوطينة التي صدعتم رؤوسنا بها؟
الوطني الحق، هو من يدافع عن الوطن، لا من ( يريد وطن ) لأن الوطن موجود! ومن يحبه فعلًا، فاليدافع عنه، وليقف مع أبناءه، وشركاءه في الوطن، لا أن يقتلهم يومًا على الهوية، ثم يعود وينبذ الطائفية!
الوطني الحق، هو من حمل السلاح، وذهب لتحرير أرض الوطن، من شراذم داعش، ليحافظ على دين، ومقدسات، الوطن، ودفاعًا عن كرامة أبناء الوطن، التي أراد داعش أن يطرحها أرضا، ويدوس عليها.
الوطني الحق، هو ابن المؤسسات الأمنية بكافة مفاصلها، من حشدنا الشعبي المقدس، وجيشنا العراقي الباسل، وجهاز مكافحة الإرهاب، وشرطتنا الإتحادية، وفرقة الرد السريع، وغيرها.
الوطني الحق، هو المعلم الذي يعلم تلاميذه على الصدق والامانة، والاخلاص، وحب الوطن، والدفاع عنه.
الوطني الحق، هو الطبيب الذي يعالج أبناء الوطن، من دون جشع وإستغلال، ولا يكتب لهم علاجات تنفيذًا لإتفاقه مع صاحب المذخر أو الصيدلية، بل يكتب العلاج الذي يحتاجونه فقط، ويساعدهم على الشفاء، ويترك الشفرات والرموز، ليجعل المراجع يأخذ العلاج، من الصيدلية المناسبة، ولا يجبره على صيدلية معينة.
الوطني الحق، هو الصحفي المهني، الذي ينقل معاناة المواطن، ويوصل صوته إلى المسؤول، ويتابع ملفات الفساد، ليقدمها للرأي العام، كما هي، من دون تستر على بعض، وتهويل بعض، وأن لا يلمع صورة المسؤول، من أجل مبالغ مالية، أو قطعة أرض، هي من إستحقاقه أصلًا، وقد كفلها له القانون.
الوطني الحق، هو البقال الذي لا يبخس في الميزان، ويبيع من البضاعة التي يعرضها، لا أن يعرض شيء، ويبيع غيره من تحت الستار.
الوطني الحق، هو الموظف الذي يعطي وظيفته حقها، وينجز معاملات المراجعين، من دون منة أو رشوى، أو يتعامل بالواسطات.
كثر هم الوطنيون الحقيقيون، لكن الأشباح يعتموا عليهم، ليظهروا لنا إن ( الوتنين ) الذين لا يحترمون الدين، ويفرطون بالكرامة، هم الوطنيون فقط.