علاء طه الكعبي ||
لنشرح اولا، معنى كلمة الوعي لغة واصطلاحا، ومن ثم نستدرك كيف استُخدمت من قبل المجتمع وكيف حُرفت.
الوعي كلمةٌ تدلُّ على ضمِّ شيء. والوعي هو الحفظ، والفهم والادراك
والوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. كما يمثل عند العديد من علماء علم النفس الحالة العقلية التي يتميز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية، الذاتية (الإحساس بالذات ).
استخدم اغلب متظاهري تشرين جملة( الوعي قائد)، لكي لا يضعون لهم قائدا لإدارة تظاهراتهم، وتبقى امورهم وافعالهم فوضوية، ليتم تحريكهم بسهولة، من الذين يتحكمون بتلك التظاهرات من وراء الستار.
كلمة الوعي قائد، هي بالحقيقة هو تجريد الفرد من القيادة الدينية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي جملة استُخدمت لكي تجعل من كل شخص يفعل ما يشاء بدون وعي، هي جملة تجعل من القيادات الاجتماعية مثل شيخ العشيرة والمعلم بلا دور، ولا تجعل هناك تأثيرا للمؤسسة الدينية كالمراجع أو رجال الدين والخطباء. وتصبح الطبقة المثقفة والنخب اقلاما تكتب بالحبر الأبيض.
كيف تكون واعيا، وانت لا ترجع بأمور دينك إلى أهل الاختصاص في الدين، كيف تكون واعيا وانت لا تحترم المؤسسة التعليمية، وتهين المعلم، كيف تكون واعيا وانت لا تحترم أو تسمع شيخ عشيرتك أو الكبير فيكم، كيف تكون واعيا وانت لاتفهم ولا تدرك ما يدار من مؤامرات من حولك، كيف تكون واعيا وانت لا تقبل النقد أو النقاش.
عندما يقال أن الوعي هو القائد، كانوا يقصدون أن كل انسان لا يؤثر عليه احد سوى ما يرى هو فقط وفقط، وانه يفعل ما يحلو له، وانه غير مقيد باي تأثير اجتماعي أو سياسي، أو عقائدي.
نعم هو تجريد الفرد من عملية التفكير، وقطع عملية التواصل مع محيطه الخارجي، لكي يكون منغلقا على نفسه، ولا يسمع غير صوته، وهنا يأتي دور العقل الجمعي والذي سيتحكم به بسهولة.
عندما تستطيع الوصول إلى مستوى من الفهم والحفظ والإدراك لكل شئ من حولك وتربط الاحداث، وتحلل الوقائع، وتقرأ التاريخ جيدا، وترجع في أمور دينك وعقائدك إلى مراجعك، وتصل إلى مستوى من الفهم يُمكنك من تميز الاشياء ومعرفة الصالح والطالح، وتعمل بكل حواسك الخمس، وليس بأحدهما دون الاخرى، ولا تقطع صلتك بالعالم الخارجي لك، عندها قل عن نفسك انك واعي.
عملية سلب المؤثرات الاجتماعية والدينية والعقائدية من الفرد هي لغاية واضحة، هو التجهيل للفرد، وعملية جعل وعيه، هو القائد، لكي يتصرف كل فرد بما يراه هو من دون التأثر أو التأثير على احد، وبهذا يستطيع أن يتحكم به من أراد لهذا الجاهل المعتقد بوعيه، أن يكون مجرد ريبورت يتحكم به عن بعد، ونراهم كيف تحكموا بالمتظاهرين وكيف أصبح عدوهم اللدود صديقا، وكيف أصبح صديقهم عدوا.
عندما يكون الجاهل متصدرا للمشهد، ويتم تغذيته بكلمات وشعرات رنانة، كالوعي قائد، هي بالحقيقة هي زيادة للتضليل والتدليس واللعب بعدادات المخ، واستخدام الكذب ليبدو وكأنه حقيقة، ومن ثم يتدخل التوظيف الاعلامي لهم بأنهم ابطال، وشجعان، ووطنين، ماهي الا لسلب الوعي منه وجعله كالدابة أو اضل سبيلا.
والحقيقة انه قائد ولكن بلا وعي، ولهذا ابتدأت تظاهرات تشرين، وانتهت، وهم لم يفهموا شيئا لماذا خرجوا؟ وماهي النتائج؟ وماذا حققوا على ارض الواقع؟ وهم الى الآن يكابرون، واخذتهم العزة بالاثم.
الوعي الحقيقي هو انك يجب أن تعلم انك بحاجة مستمرة إلى من يرشدك، الوعي الحقيقي هو تستخدم كل حواسك، ولا تقتصر على السمع دون بقية الحواس، أن تدرك ما يدور حولك وتعرف مقاصد الاشياء، أن تستعين بالعالمك الخارجي سواء كان سياسيا أو دينيا أو اجتماعيا أو ثقافيا، وتفهم وتحفظ، وتقارن، وكل هذا مرتبط، بعضه ببعض، وتقع المسؤولة في صناعة الوعي على الدولة بالذات، من خلال المؤسسات التعليمية، والاعلامية، والثقافية، وعندما تختفي الدولة أو تتعمد اللاوعي، تبقى المؤسسةالدينية،والاجتماعية ملزمة بصناعة الوعي، والا ظن الفرد بأنه واعيا ولا يحتاج الى قيادة.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha